الألباب المغربية/ د. حسن شتاتو
في الآونة الأخيرة، امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصًا الفيسبوك، بمنشورات استفزازية من أبواق تابعة للنظام العسكري الجزائري، تتهكم على المغاربة بزعم أن “عقد الغاز والبوتان بين الجزائر والمغرب انتهى”، وأن المغرب يعيش أو سيعيش على الحطب!
هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة، وهي جزء من حملة تضليل إعلامي تهدف إلى إدخال الشك والارتباك في نفوس المواطنين المغاربة وتشويه صورة بلادهم التي نجحت، رغم القطيعة، في تأمين أمنها الطاقي دون الحاجة إلى الغاز الجزائري.
أولاً: ما الفرق بين الغاز الطبيعي وغاز البوتان؟
من المهم أن يفهم الجميع أن هناك نوعين مختلفين تمامًا من الغاز:
- الغاز الطبيعي (Natural Gas):يُستعمل أساسًا لتوليد الكهرباء وتشغيل المصانع الكبرى. وكان يمرّ سابقًا من الجزائر إلى أوروبا عبر أنبوب المغرب-أوروبا (GME)، الذي كان يمنح المغرب حق الاستفادة من جزء منه كتعويض عبور. انتهى هذا العقد في 31 أكتوبر 2021 بقرار أحادي من الجزائر، لكن المغرب لم يتأثر، بل أعاد تشغيل نفس الأنبوب بالعكس لاستيراد الغاز من السوق الأوروبية عبر إسبانيا.
- غاز البوتان (Butane Gas):هو غاز الطبخ المنزلي المعروف بقنينة الغاز، ويُستورد من مصادر متعددة في السوق العالمية، أبرزها الولايات المتحدة والنرويج وروسيا ونيجيريا، أي أن البوتان المغربي لا علاقة له بالجزائر نهائيًا منذ 2021، والمخزون الوطني مستقر بفضل سياسة الدولة في الدعم والتخزين.
ثانيًا: المغرب بعد 2021 – من الاعتماد إلى السيادة
بعد وقف الإمدادات الجزائرية، لم يعرف المغرب أي أزمة طاقية، بل على العكس:
- أعاد تشغيل أنبوب الغاز في الاتجاه المعاكس مع إسبانيا.
- وسرّع مشاريع الغاز الطبيعي المسال (LNG) بميناء الجرف الأصفر وطنجة.
- وأطلق شراكة استراتيجية مع نيجيريا لإنشاء أنبوب الغاز الإفريقي الأطول في العالم، الذي سيجعل من المغرب مركزًا للطاقة في القارة.
هذه الخطوات ليست ردّ فعل فقط، بل تعبير عن سيادة قرار الطاقة المغربي، واستباق لرؤية مستقبلية لا تعتمد على نظام متقلب أو قرارات سياسية انتقامية.
ثالثًا: الرسالة إلى المغاربة
على المواطن المغربي ألا يلتفت إلى تلك الأصوات التي تسعى لبثّ الشك والسخرية، فالمغرب أثبت أنه بلد يُخطط، يستثمر، ويبني قدراته الذاتية دون تبعية. أما من يُتاجر في قوت شعبه ويغلق صنبور الغاز لأهداف سياسية، فالتاريخ وحده سيحاسبه.
المغرب لا يعيش على الحطب، بل على التخطيط والعقل، أما من يملك غازًا ولا يملك رؤية، فهو من يعيش على الأوهام..