الألباب المغربية/ ب. الفاضلي
نظام الكابرانات كعادته يفتح معتقلاته لكل من يسأل أو يبدي رأيه في مجريات الأمور بالجزائر، وكل من غامر بطرح سؤال ما عن شخصيات البلد أو مصير ثرواتها تلفق إليه تهما ثقيلة تزج به في متاهات سجون الصحراء، من بينها نشر أخبار زائفة من شأنها المس بالنظام العام، حتى تبقى لهم الساحة يعتون فيها فسادا ولا أحد يستطيع أن يتكلم.
غاب عمي تبون والكل يدلي بدلوه أين يوجد ؟ سؤال طبيعي في دول تحترم الرأي والرأي الآخر، لكن الأمور تختلف في عقلية العسكر الجزائري.
ففي هذا الإطار، شهدت ولاية المدية بالجزائر بحر الأسبوع الجاري، حادثة أثارت جدلا واسعا، يتعلق الأمر بتوقيف شابة عشرينية عقب نشرها مقطع فيديو على تطبيق “تيك توك” طرحت فيه سؤالا مثيرا “أين عمي تبون ؟” في الدول التي تحترم آراء مواطنيها عادي، لكن الأمر هنا يختلف تماما ومن طرح مثل هذه الأسئلة فمآله محاكمة عسكرية، لكونه تجاوز الخطوط الحمراء.
ووفق بيان صادر عن المصالح الأمنية، وجهت للموقوفة تهمة نشر أخبار زائفة من شأنها الإخلال بالنظام العام، استنادا إلى محتويات مصورة شاركتها عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد باشرت مصالح الضبطية القضائية بتنسيق مع النيابة العامة تحقيقاتها التي أفضت إلى تحديد هوية صاحبة الفيديو وتوقيفها مع حجز هاتفها النقال الذي استخدم في عملية التسجيل والنشر.
وبعد استكمال إجراءات البحث، قدمت الشابة أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة المدية، الذي قرر إحالة ملفها على قاضي الحكم في إطار جلسة المثول الفوري لتنتهي الجلسة بقرار إيداع الشابة رهن الاعتقال.
وتعيد هذه الواقعة إلى الواجهة النقاش الدائر حول واقع حرية التعبير في الجزائر، خاصة داخل الفضاء الرقمي، حيث يواجه ناشطو الرأي قيودا وإجراءات صارمة تحد من نشاطهم وتعرضهم لمتابعات قضائية متكررة، وهذا ما أدى إلى هروب الكثير من الأقلام إلى خارج الجزائر فرارا من بطش وجور وظلم الكابرانات التي كبلت كتاب الرأي بشروط تعجيزية، وبخطوط حمراء إن تجاوزها أي كان فمآله سجن حاسي مسعود.