عبد القادر الحلوي
سأكون صريحا ووقحا، صادما وعنيفا في هذه النتيجة التي وصلتها بعد صبر وجلد في التفكير والتحليل منذ أعوام … لماذا فتكنا بالأغنية المغربية؟
النظام القائم ببلدي نجح في قطاعات مهمة: البنيات التحتية من طرق وطنية ومدارات وطرق مزدوجة غير مؤدى عنها وطرق سيارة مؤداة وحتى تنظيم قطاع النقل العمومي بالمدن الكبرى والنقل عبر القطارات منها قطار البراق !
نظافة المدن تحسنت كثيرا في الخمس سنوات الماضية كذلك.
القطاع الرياضي ناجح بدوره والنتائج تؤكد ذلك في الرياضات الجماعية، لكن في الرياضات الفردية كرة التنس أو سباق المسافات نلاحظ تأخرا واضحا.
لكن لا يتطور المجتمع إلا إذا تطور الذوق الخاص والعام وهذا يتم في الميدان الفني أهمه ميدان الغناء.
نتوفر اليوم على ذوق عام ساقط ومبتذل، يتأكد ذلك فيما تقدمه القنوات العمومية من سهرات غنائية نهاية كل أسبوع ببشاعة تنفر منها الآذان والمشاعر …
أكثر ما أكرهه هو ما سماه البعض ب “فن العيطة”، وليسمح لي بعض أصدقائي إن جرحت شعورهم، أقول أن “العيطة” لا علاقة لها بالأغاني لأنها مجرد صراخ بكلمات لا تقول شيئا وإيقاع موسيقي واحد من البداية حتى النهاية بالضغط على أوتار الكمان ومحاولة شنقها بعيدا عن واجبات اللحن والشجن والنغم …
أين الأغنية المغربية في سوق الحلزون الغنائي هذا ؟
أين أحمد البيضاوي وعبد النبي الجراري والغرباوي صاحب “إنها ملهمتي” وطبعا عبد الهادي بلخياط والحياني وعبد الوهاب الدكالي وفويتح والمعطي بلقاسم وبهيجة ادريس وجليلة ميكري ونعيمة سميح … لم يعد لنا كذلك مبدعون وكتاب كلمات شاعرة وزجلية وملحنون كبار؟؟؟
النظام القائم فتك بالغناء المغربي الرائع الذي يرفع الذوق العام للمستمع، لكنه سمح فقط لشيخات وشيوخ العيطة !!!
حتى الظاهرة الغنائية المغربية الجديدة أو ظاهرة الكورال الجماعي حيث يعزف الجوق ويغني الجمهور المفروض أنه حضر الحفل ليستمع.
“بودشار” صاحب هذا المنهج الغنائي الجديد تصدر صفحات اليوتوب خلال الشهر المنصرم وقد استضافته أكثر من قناة خصوصا القنوات التلفزية المصرية التي اندهشت وأعجبت بطريقته الجديدة إلا تلفزات العار عندنا التي لم ولا أدنى اهتمام لهذا الفتى الذهبي الذي ترك الهندسة وهندس الغناء بطريقته الجميلة ونال – لحد اليوم – إعجاب محبي الطرب الجميل.
هي سياسة دولة أن تنزل بالذوق المغربي للقاع مع فناني الوقت الذين يغنون بدون إقتناع أو إقناع أغاني بدوية من جهة وأخرى بإيقاعات خليجية ثقيلة على القلب من جهة ثانية، أما بكاء الناي ونحيب الكمان الذي تصلبه العيطة، وهزة السكسفون، وعمق “الكونرباص”، ورومانسية البيانو فلن تسمعوها أبدا !
أحمد الله أنني لا زلت رومانسيا في مشاعري وطفلا صغيرا في أحاسيسي إلى أن… يحل بنا القدر !