الألباب المغربية/ رشيد اخراز- جرادة
كان الدخول المدرسي في زمن مضى حدثًا استثنائيًا يترك في الذاكرة بصماته الخاصة. لم تكن هناك تطبيقات إلكترونية ولا مجموعات “واتساب” للأولياء، بل كانت البساطة عنوان المرحلة، والفرحة تتلخص في ورقة و”ستيلو” يُسجَّل بهما لوازم السنة الجديدة واستعمال الزمن.
كان التلميذ الصغير يرافق والده أو والدته إلى المكتبة، وبدفتر صغير يخطّ ما يلزمه من كراسات، أقلام، علبة ألوان و”مقلمة”. ثم يعود إلى البيت وهو يلمع من شدة الحماس لليوم الأول، ينتظر لحظة تسلُّم جدول الحصص من أستاذه، فيسارع إلى نسخه على ورقة ويعلّقه في ركن خاص من غرفته.
ذلك الجدول البسيط كان أيقونة حقيقية للدخول المدرسي. ورقة بيضاء تُكتب بخط اليد، بألوان مختلفة تزينها، تحفظ للطفل نظام يومه وتُشعره أنه بدأ مرحلة جديدة. لم يكن الأمر مجرّد تنظيم وقت، بل كان طقسًا تربويًا، يزرع في النفوس قيمة النظام والانضباط.
اليوم تغيّر المشهد.. صارت الهواتف الذكية والتطبيقات تحدد المواعيد، وتأتي اللوازم المدرسية في قوائم مطبوعة أو مرسلة عبر البريد الإلكتروني. لكن تبقى صورة “الورقة والستيلو” محفورة في الذاكرة الجماعية، تذكّرنا ببراءة البدايات وبساطة الزمان.
إنها ليست مجرد أدوات، بل رمز لمرحلة كان فيها الدخول المدرسي عيدًا صغيرًا، يحمل معه بهجة الاكتشاف وحماس التعلم.