(*) مصطفى طه
يعرف الخطاب السياسي، بأنه شكل من أشكال الخطاب، يستخدمه السياسيون والأحزاب السياسية، للتأكيد على الأفكار والاتجاهات السياسية للأفراد والأحزاب، ووسيلة لاكتساب السلطة، من خلال إقناع الأفراد، بحيث أن هذا الخطاب، اتخذ داخل المجلس الجماعي لورزازات، في أغلب الأحيان، طابعا حادا يخرجه عن اللياقة التي يقتضيها التسليم بالتعدد، والتشبع بثقافة الاختلاف، ويلقي به في أتون ضيقة، تسيئ إلى العمل السياسي، وتنفر الساكنة منه، ويبدو أن هذا الخطاب يزداد هرجا ومرجا أمام التجمعات لأسباب محضة انتخابية.
وفي هذا الصدد، يتراجع الحديث، عن برامج تنمية مدينة ورزازات، والخدمات لساكنتها، وغيرها من العبارات، التي ظلت تحمل البشائر، بأن المستقبل سيكون أحسن من الحاضر، والتي تشير إلى أن ما شاهدناه ونشاهده من خصومات سياسية، اتخذت طابع الصراع في الكثير من الأحيان، إنما كانت تعكس اختلافا في المواقف والأفكار، من شأنه أن يرقى بالممارسة السياسية داخل المدينة، إلى مستوى الخلاف المثمر، الذي يحقق مجتمع التسامح والتساهل الفكري.
كل هذه العبارات، اختفت أو كادت تختفي في السنوات الأخيرة، لتفسح المجال للغة يجتاحها الإسفاف، قد تحمل أية صفة، غير أن تكون لغة سياسية حقيقية، هذا يتهم ذاك، بكونه جمع ثروته في ظروف غامضة، وذاك يخون الآخر ويحاول أن يقدمه بوصفه أكبر متآمر، وثالث ينبش في ماضي “خصمه”، عله يجد فيه ما يسيئ إلى شخصه، ورابع يختار لغة الكاريكاتور، ليقدم “عدوه” في صورة شيطان، يمشي على الأرض.
لو جرى هذا الخصام الكلامي بين الأغلبية والمعارضة، لقلنا أن هذه الملاسنات تعكس تناقضا في الرؤى، أسيء تصرفه من قبل هذا الطرف أو ذاك، ولكنه يدور بين مكونات تنتسب بقوة الواقع إلى أغلبية المجلس.
هكذا باتت الساكنة المحلية، تعيش في كل يوم فصول مهزلة فجة، تثير من الاشمئزاز أكثر مما تدر من الشفقة، وتشير إلى حالة تضع كل ما له علاقة بالسياسة موضع شبهة، وبدأ المواطن البسيط أمام هذا المشهد، حائرا بين صاحب الثروة “المشبوه”، وبين “المتآمر” الكبير، فتشكلت لديه شيئا فشيئا صورة مريبة، عن كل ما له علاقة بالسياسة والسياسيين، وأصبح ذلك الغائب / الحاضر، الذي كان من المفروض أن يشكل محور كل سياسة، ولكنه أصبح يعيش على هامشها.
بمثل هكذا خطاب، “نجح” سياسيو ورزازات، في احتكار العمل السياسي لأنفسهم، واستطاعوا في زمن قياسي، أن يرغموا أفواجا من الشباب على مغادرة أحزابهم، وتطليق السياسة إلى غير رجعة، فعندما تمارس السياسة دون وازع أخلاقي، فإنها تتحول إلى ساحة للسب والشتم، والنبش في الدفاتر القديمة، لإسقاط الخصم بالضربة القاضية.
إن المشهد السياسي بمدينة ورزازات، يفضي إلى استنتاج أن هناك اليوم تراجعا كبيرا في نسبة المهتمين بالشأن السياسي، فقد تم تجريد الممارسة السياسة من ضرورتها القصوى، باعتبارها وسيلة لتحسين ظروف العيش، وتحولت إلى عادة سيئة، تنطوي على مخاطر لا علاقة لها بصيرورة المجتمع، وتجرد العمل السياسي من طبيعته، كفعل يساهم في تطور المجتمع، وهذا ما يفسر غياب الفكر الاستراتيجي، وتغييب المثقف المحلي عن النقاش السياسي العمومي، وهيمنة اليومي والعادي على لقاءات الساسة وندواتهم، إن هذا قد يصيب لامحالة العمل السياسي بالعقم محليا، لأنه ببساطة شديدة لا يؤدي إلى إبداع أفكار جديدة، ولأنه تخلى عن كل ما هو عقلاني مفكر فيه، فإنه يؤدي إلى نتيجة واحدة، الكف عن إنتاج نخب جديدة حقيقية، باستطاعتها قيادة مدينة ورزازات نحو الأفضل.
اليوم، صار المواطن يوعي جيدا، دسائس اللعبة السياسية، باستثناء نسبة قليلة التي لازالت تنسى أو تتناسى، كما صار يدرك بامتياز، أن الإصلاح والتغيير الحقيقي، لا تنتجه تلك البرامج الانتخابية التي تلح الدكاكين السياسية في كل الاستحقاقات، على أنها هي من ستخرج ورزازات من عنق الزجاجة، هذه الأساليب هي من تدفع الكثير من ساكنة المدينة العزوف عن التصويت في الانتخابات المقبلة –مع أني ضد المقاطعة- لأنهم قنطوا من بعض الوجوه السياسية المحلية المتطفلة، هؤلاء السياسيين كانوا سببا في الوضعية المتأزمة التي يعيشه المشهد السياسي المحلي إلى تنامي آفة الانتهازية في ورزازات بشكل شنيع، حيث أصبحت من أخطر المظاهر التي تنخر في أوصال الشأن المحلي، و معولا هداما يعمل على القضاء على ما تبقى من الأخلاق والمبادئ ،خاصة وأننا نعيش بالملموس المبدأ الانتهازي في عصرنا هذا أكثر من أي زمن مضى.
وأختم مقالي هذا، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان”.
وعن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود قال: “ثلاث من كن فيه فهو منافق، كذوب إذا حدّث، مخالف إذا وعد، خائن إذ اؤتمن”، فمن كانت فيه خصلة من هذه المثالب فهو انتهازي.
(*) سكرتير التحرير