موحداش بأيت يول قصبة عريقة يهددها النسيان والإهمال

مصطفى طه

تتميز المملكة المغربية بمعمار فريد واستثنائي، بحيث أن  كل جهة من جهاته شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، وهو ثمرة اجتماعية، وتساكن وتوافق داخل المجتمع على الرغم من اختلافهم الديني والمذهبي، من خلال تلاحم بين الساكنة.

ومن بين أقاليم المملكة التي تزخر بنمط معماري خاص في البناء، نجد إقليم تنغير بصفة عامة، والجماعة الترابية أيت يول خاصة، وذلك على مستوى قصبة موحداش التي شيدت منذ سنوات خلت، بحيث لازالت شاهدة على أحداث مهمة في تلك الحقبة التاريخية ، وأصبحت إرثا تاريخيا وثقافيا يحكي للأجيال القادمة التاريخ العريق للمنطقة.

وفي هذا الصدد، شكلت قصبة موحداش، التي شيدها الكلاوي و هي تحمل اسم أحد خلفائه، هذه القصبة تعلو الهضبة وتطل على الشريط الأخضر لواحة ايت عطا، أبراجها تحلق عاليا لتلامس الفضاء، قيمة تاريخية نادرة، تقف جدرانها شامخة وكأنها تعاند الجبال المحيطة بها أو بالأحرى تبدو متربعة على عرش قمم هذه الجبال.

 تتسم قصبة موحداش بضخامتها، و تشمل خمسة زوايا  وتداخل محتوياتها، كما تحوي على ساحة رحبة في الوسط،  تدخل منها أشعة الشمس، وقد تم استعمال في مواد بنائها مواد جديدة كالحديد والإسمنت  لتبليط أرضية بعض الغرف، و رفع بعض صواعد القصبة. تتميز بزخرفة من الألوان و النقوشات و رموز مختلفة تحمل في طياتها دلالات رمزية ثقافية، بها العديد من النوافذ و الإفريزات تلعب أدوار متعددة، كالمراقبة و رمي البارود، كما تضم غرف أبوابه على شكل قوس لا يتجاوز ارتفاعها المتر الواحد، إنها بالفعل بناية ضخمة  تثير الغرابة من حيث شكلها و بنائها، إنها أول قصبة من نوع القصبات المركبة التي شيدت بايت سدرات.

وفي هذا الإطار، يعتبر موقع قصبة موحداش الجغرافي والطبيعي استراتيجيا، غير أنها تعيش حاليا وضعا لا يرضي ساكنها ولا زوارها، ويظهر مدى الإهمال الذي طالها.

وصلة بالموضوع، إن أبناء الجماعة  الترابية لأيت يول يشفقون على قصبتهم، وينقسمون بين متغن بماضيها وبين متفرج باكٍ على وضعها، محملا المسؤولية للوزارة المعنية والسلطات الإقليمية والجهوية، مطالبين ببرامج مسطرة (معتمدة) لتأهيل القصبة ومقومتها والأثرية والتاريخية.

ويؤكد أن النموذج الاقتصادي والتنموي الذي جعل أيت يول تعتمد على المقومات الفلاحية (الزراعية) غير ذي جدوى، مشيرا لضرورة الاعتماد على النشاط السياحي، وخاصة السياحة الجبلية والتاريخية.

ويعود فشل إقليم تنغير في استقطاب العديد من السياح خاصة على مستوى قصبة موحداش إلى مجموعة من الأسباب؛ على رأسها ضعف تتبع ومراقبة تنفيذ البرامج المسطرة، وعدم تواصل الجهات الحكومية المعنية مع جميع الفاعلين في القطاع.

ومن خلال جولة تفقدية بأيت يول سجلت جريدة “الألباب المغربية”، أن المنطقة تملك جميع الإمكانيات والمؤهلات التي تؤهلها لتكون وجهة تنافسية قوية في المجال السياحي على الصعيد الوطني؛ غير أن ذلك، يتطلب إعادة هيكلة القطاع.

وتعتبر قصبة موحداش بأيت يول واحدة من القصبات العتيقة بالمغرب التي تحفظ تراثا حضاريا متنوعا، وتختزن نمط حياة وعيش يضرب بجذوره في أعماق التاريخ، وتنتصب ذاكرةً حيةً شاهدةً على قصبة سابقة في التحضر.. فهل يعود بريقها يوما؟