إعداد: المصطفى العياش
يعتبر يوم 6 شتنبر 1959 حدثا تاريخيا، كونه يؤرخ للمؤتمر التأسيسي لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية أحد أهم الأحزاب السياسية المغربية التي لعبت دورا أساسيا ومؤثرا في المشهد السياسي المغربي عموما، والحقل الحزبي خصوصا، فهذا الحدث يؤسس لبداية ظاهرة الانشقاق الحزبي في مغرب الإستقلال. وانطلاقا من هذا التاريخ كان حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية فاعلا أساسيا في النقاش السياسي الذي عرفته الحياة السياسية المغربية بعد الإستقلال، سواء قبل انشقاق مؤسسيه عن حزب الاستقلال أو حتى بعد انفصالهم عنه، وذلك في الجانب المتعلق بكيفية تدبير مرحلة الاستقلال الوطني سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، إضافة إلى دوره المحوري والمفصلي في جميع محطات الأحداث السياسية والاجتماعية التي عرفها مغرب الاستقلال.
مر تأسيس حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية من ثلاث مراحل وأشكال تنظيمية، بدأت بالجامعات المستقلة لحزب الاستقلال، مرورا بالجامعات المتحدة لحزب الاستقلال، وانتهاء بحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي تأسس رسميا وتنظيميا يوم 6 شتنبر 1959.
- الجامعات المستقلة لحزب الإستقلال:
انطلقت هذه الحركة السياسية الجنينية التي تمخض عنها تأسيس هذا الحزب يوم 25 يناير 1959، حيث عقدت في مختلف المدن والأقاليم المغربية مؤتمرات جهوية استثنائية لحزب الاستقلال، أعلنت خلالها بعض القواعد الحزبية عن سحب الثقة من اللجنة التنفيذية واستقلالها عنها، ثم قامت بتأسيس لجان جهوية للإشراف على ضمان سير الحزب وإعادة بعث الحركة في صفوفه، أطلقت عليها اسم الجامعات المستقلة لحزب الاستقلال وأعطتها صفة فيدراليات مستقلة عن الحزب .
كان المهدي بن بركة هو الدينامو المحرك لحركة 25 يناير، فقد أعلن صباح نفس اليوم عن تقديم استقالته من اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، وتناقلت محطات الإذاعة ووكالات الأخبار نبأ هذه الاستقالة على نطاق واسع، كما ترأس المهدي المؤتمر الجهوي بالرباط في نفس اليوم بقاعة الغرفة التجارية التي كانت غاصة بأطر الحركة الجديدة الممثلة لمختلف فروع الإقليم، وفي العشية ترأس مؤتمرا جهويا بالدار البيضاء رفقة محمد البصري بقصر المعارض، وفي طنجة وفاس ومكناس ومراكش والجديدة وآسفي وأكادير انعقدت مؤتمرات جهوية مماثلة للإعلان عن قرار الانفصال عن قيادة حزب الاستقلال، وقد ترأس مؤتمر طنجة عبد الرحمان اليوسفي ومكناس المحجوب بن الصديق.
فقد وردت قرارات المؤتمرات الجهوية الاستثنائية، في شكل بيان، أعده قادة الحركة من قبل، ووزع، ثم تلي ونوقش وصودق عليه في هذه المؤتمرات بعد ديباجة البيان التي وضحت فيها الحركة الأسباب التي دفعتها لتنظيم المؤتمرات الجهوية الاستقلالية والهادفة إلى توحيد القوى الوطنية ضد الأخطار التي تهدد البلاد ووحدتها من طرف الإستعمار وعملائه، فقد أكد البيان على مجموعة من القرارات أهمها:
* التأسف على عجز اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال الذي يترك فراغا خطيرا في قيادة الحزب، كما يندد بفقدان الشعور عند بعض أعضائها الذين أصبحوا يعتبرون تراث الحزب ملكا شخصيا ويستغلونه استغلالا يتجاوز الحدود ويتنافى أحيانا مع المصلحة الوطنية.
* استنكار التسامح الخطير الذي يقابل به بعض أعضاء الحزب على اختلاف درجاتهم رغم أن سلوكهم في الحكومة أو الإدارة أو الهيئات السياسية قد مس مسا كبيرا بالمصلحة الوطنية أو بحقوق الناس وبالتالي سمعة الحزب.
* التنديد بالعراقيل التي وضعت في سبيل انعقاد مؤتمر وطني طالما قرر وأعلن عنه سنة 1955، وهو وحده الذي من شأنه أن يعطي للحزب إرادة وخطة وفق متمنيات الأمة.
* الإعلان عن استقلال فروع الناحية عن الإدارة المركزية العاجزة وممثلها المفتش الجهوي، كما تعلن عن عزمها في أن تنظم نفسها تنظيما ديمقراطيا لكي تعطي للوطنيين من جديد إطارا للعمل، وتبعث ما هم في حاجة إليه من إيمان وتجرد وحماس لمواصلة السعي في سبيل تحقيق الأهداف الوطنية .
* دعوة سائر المخلصين لمقاومة حملة التضليل والبلبلة التي يقوم بها أعوان الاستعمار، من إقطاعيين وخونة ووصوليين، وبذلك تتجند الجماهير الشعبية للنهضة المباركة التي تفرضها المرحلة الحاسمة في أن تسير البلاد نحو تحقيق الأهداف الوطنية للحزب للتحرر من القيود العسكرية والإقتصادية.
فقد شدد البيان الصادر عن المؤتمرات الجهوية على تأييده للتدابير الإقتصادية والإجتماعية والسياسية لحكومة عبد الله إبراهيم جاء في دباجته: “…وإن المؤتمر الجهوي الاستثنائي لحزب الاستقلال يحيي حكومة صاحب الجلالة محمد الخامس رحمه الله التي يرأسها عبد الله إبراهيم ويعلن عن تأييده التام لها فيما هي مقدمة عليه من جسيم المهام للتصفية والإصلاح”. انتهى البيان بتحية الحكومة، وتأكيد التعلق بالملك محمد الخامس رحمه الله.
- الجامعات المتحدة لحزب الإستقلال:
فرضت الظروف السياسية التي كان يعيشها المغرب خلال فترة أواخر الخمسينيات على الجامعات المستقلة لحزب الاستقلال إعطاء الصبغة القانونية لعملها السياسي من خلال التحول إلى حزب سياسي مؤقت، وهكذا ففي يوم الجمعة 6 مارس 1959 تم إيداع القوانين الأساسية لحزب جديد يحمل مؤقتا اسم الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال في مقر عمالة الدار البيضاء، ولدى السلطات القضائية للعاصمة الاقتصادية، حيث أصبحت إدارة الحزب تحت إشراف كتابة عامة تتألف من خمسة أعضاء هم:
- كاتب في الشؤون السياسية: محمد البصري.
- كاتب في شؤون التنظيم: المهدي بن بركة.
- كاتب في شؤون التوجيه: عبد الرحمان اليوسفي.
- أمين المال: محمد بن المختار .
- محافظ الوثائق: الحسين أحجبي.
فقد مثل حدث تأسيس الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال واجهة أخرى من واجهات الصراع بين حزب الاستقلال والحزب الجديد، ففي يوم 23 يونيو 1959 عقد علال الفاسي ندوة صحفية للحديث عن الدعوى القضائية التي أقامها صحبة أحمد بلافريج ضد الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال حول من له أحقية حمل اسم الحزب، وقد أجاب المهدي عن هذه الدعوى في مقال نشره بجريدة التحرير، حيث اعتبرها مجرد محاولة لمنع الجامعات المتحدة من حمل اسم حزب الاستقلال، وكأن هذه التسمية ملك خاص لعلال الفاسي وبلافريج مع أنها وصف للشخصية المعنوية التي يحملها الحزب، الذي قرر تجديد إطاراته أمام عجز أولئك الذين كانوا مصرين على فرض قيادتهم.
ولم تكتف الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال بالدفاع عن استقلال الحزب وتنظيمه الجديد، بل رفعت بدورها شكوى تطلب فيها حل الجماعة السياسية التي يسيرها علال وبلافريج حلا كاملا وشاملا.
فقد استمر الوضع شهرين على خوض المعركة، وظلت المواجهات أمام القضاء بشأن من له أحقية ملكية اسم الحزب، فكان لابد من مخرج لهذا المأزق السياسي وبذلك اتخذت قيادة الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال؛ قرارا بعقد مجلسها الوطني يومي 23 و 24 غشت 1959 بمدينة طنجة، مهد للإعلان عن مؤتمر وطني يتم عقده لتأسيس حزب سياسي جديد.
- الاتحاد الوطني للقوات الشعبية:
في يوم 6 شتنبر 1959 عقد المؤتمر التأسيسي للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، بسينما الكواكب بالدار البيضاء، وقد شارك فيه كل من كتاب اللجان الفيدرالية للجامعات المتحدة لحزب الاستقلال، وممثلون عن تنظيمات سياسية ونقابية وشبابية وطلابية، وهي كالتالي: حزب الشورى والاستقلال، حزب الحركة الشعبية، حزب الأحرار المستقلين، الاتحاد المغربي للشغل، والاتحاد الوطني لطلبة المغرب. وقد دارت أشغال المؤتمر تحت شعارين: الأول هو: “لا حزبية بعد اليوم”، وهو الشعار الذي كانت تحمله الجماهير العربية في كل الأقطار، وذلك نظرا لتأثرها بثورة 23 يوليوز المصرية، وقيامها بحل الأحزاب السياسية. لكن هذا الشعار كان أيضا سلاحا في يد بعض الأطراف الأخرى من مكونات الحزب الجديد، التي كانت تنظر إلى الاتحاد الوطني للقوات الشعبية كتجمع جماهيري يكون مجرد واجهة سياسية للاتحاد المغربي للشغل، وهؤلاء هم من كانوا وراء حمل هذا الشعار بما معناه (حزب واحد). أما الشعار الثاني الذي كان يختصر ظروف المؤتمر والمرحلة هو: ”أعداء التحرر والتقدم: التعصب الحزبي والاحتراف السياسي وعدم الشعور بالمسؤوليات”.
فقد ترأس المؤتمر عبد الرحمن اليوسفي، وألقى كلمة افتتاحية؛ تطرق فيها إلى الظروف الدقيقة التي تجتازها البلاد وإلى ضرورة اتحاد القوى الشعبية لمواجهة عدو الشعب الذي هو الاستعمار، وأشار أيضا إلى القرار التاريخي الذي اتخذه المجلس الوطني للجامعات المتحدة لحزب الاستقلال عند انعقاده في دورته السابعة، وأكد اليوسفي في هذا السياق “… إن قرار طنجة عبر عن رغبة الشعب في الاتحاد والتضامن ونبذ التعصب الحزبي والاحتراف السياسي”. وقد تضمن جدول أعمال المؤتمر: كلمة محمد البصري الكاتب السياسي للجامعات المتحدة، كلمة عبد الهادي بوطالب عن حزب الشورى والاستقلال، ثم كلمة عبد الله الصنهاجي عن الحركة الشعبية التي تلاها نيابة عنه الشرقاوي، ثم كلمة عبد الرحمن اليوسفي التي لخص فيها الكلمات السابقة، وتلا بعد ذلك نص برقية إلى الملك محمد الخامس رحمه الله، ثم أعطيت الكلمة لأحمد بنسودة الذي ألقى كلمة حماسية؛ وقام المهدي بنبركة بتلاوة مشروع ميثاق المؤتمر التأسيسي للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وحلله تحليلا وافيا ثم أعاد قراءة مشروع الميثاق مرة ثانية، وطلب عبد الرحمن اليوسفي من الحاضرين إبداء آرائهم، وجاءت التدخلات مؤيدة للميثاق، ورفعت الجلسة لمدة زمنية وزع خلالها نص الميثاق للنظر فيه من جديد. وبعد استئناف الجلسة، أعلن اليوسفي عن خبر انضمام الأحرار المستقلين للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وأعطيت الكلمة لبلماحي ممثل الأحرار؛ وعليه وافق الحاضرون على مشروع ميثاق المؤتمر التأسيسي للحزب موافقة جماعية، وهتفوا بحياة الملك محمد الخامس والاتحاد الوطني للقوات الشعبية وحياة رئيس الحكومة عبد الله إبراهيم، وبعد ذلك تناول الكلمة المهدي بن بركة وتلا مشروع القوانين الأساسية للاتحاد الوطني، وأعقب ذلك مناقشة واقتراحات أدخلت تعديلات على المشروع. وانتهى الإجتماع بالمصادقة على ميثاق وقوانين الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وتعيين لجنة الترشيحات التي صادقت على اللجنة الإدارية للحزب وتكونت من محمد البصري، المهدي بن بركة، المحجوب بن الصديق، عبد الهادي بوطالب، عبد الرحمن اليوسفي، أحمد بنسودة، عبد الله الصنهاجي، محمد عبد الرزاق، الحسين أحجبي، التهامي الوزاني، د. بلمختار، محمد حجي، مولاي عبد السلام الجبلي، عباس القباج، محمد الحريزي، بوشعيب الدكالي، عبد الحي العراقي، عبد الحي الشامي، التهامي لفضالي، عمر المسفيوي، أحمد حمودي عسكري، عبد القادر أواب، محمد التيباري، إدريس المذكوري، محمد الإدريسي، عمرو العطاوي، مصطفى القصري، عبد الله باعقيل، أحمد العلمي، إبراهيم الشرقاوي، محمد الحبيب الغيغائي، محمد العلح التوزاني، أحمد بنطاهر الميداوي.
وصوت المؤتمر على لجنتين، هما:
* لجنة مراقبة الحسابات: أحمد أولحاج، الطيب المريني، أحمد جسوس.
* لجنة التحكيم: عبد النبي بن العادل، محمد البوحميدي، محمد العلمي.
وانتخبت اللجنة الإدارية الكتابة العامة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية:
محمد البصري، المهدي بن بركة، عبد الهادي بوطالب، عبد الرحمن اليوسفي، أحمد بنسودة، عبد الله الصنهاجي، محمد عبد الرزاق، الحسين أحجبي، التهامي الوزاني، د. بلمختار، محمد حجي.
وصادق المؤتمر على برقية موجهة إلى رئيس الحكومة عبد الله إبراهيم، يعلن فيها تأييد الاتحاد الوطني لسياسته التحررية ويطالبه فيها بتطبيق التدابير المؤدية لهذا التحرر لتحقيق رغبة الملك وإرادة الشعب المغربي. وهكذا انتهى المؤتمر التأسيسي للحزب بكلمة توجيهية من المهدي بن بركة، الذي حث على العمل الإيجابي وأعلن عن وضع الكتاب الذهبي ليوقع فيه جميع المؤتمرين. وبعد نهاية المؤتمر، توجه وفد مكون من عبد الله الصنهاجي وعبد الهادي بوطالب وعبد الرحمن اليوسفي، إلى القصر الملكي إلتزاما بقرار اللجنة الإدارية لإبلاغ الملك قرار تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وطلبوا مقابلة مدير الديوان الملكي، لكون الملك محمد الخامس رحمه الله، كان في مرحلة نقاهة بعد إجراءه عملية جراحية بمستشفى القصر الملكي بالرباط آنذاك.
- ميثاق المؤتمر التأسيسي:
عكس ميثاق المؤتمر التأسيسي للاتحاد الوطني للقوات الشعبية التصور الذي كان يملكه أعضاؤه ومؤسسوه؛ بعد أن سجلوا ”…حالة التردد والجمود والحيرة التي تميزت بها السنوات الثلاث الماضية على إعلان استقلال البلاد، وبعد أن لاحظ أن القوات الوطنية قد استرجعت اندفاعاتها وحماسها (مع انتفاضة 25 يناير) وأن تكاثر الهيئات السياسية المصطنعة وما رافقها من حملات الدس والبلبلة والتفرقة لتحطيم معنوية الشعب وصرفه عن المعركة الحقيقية التي يفرضها تحقيق الأهداف الوطنية. أعلن الميثاق أنه “لا يوجد أي تناقض بين مصالح العناصر التي تؤلف الشعب المغربي، وأن الاتحاد وحده الكفيل بإحباط المطامع الاستعمارية وتحقيق الأهداف الوطنية، وأن الأحزاب السياسية في شكلها الراهن أصيبت بالتعفن ولم تعد صالحة للقيام بتربية الجماهير وتجنيدها لمهام البناء، بل صارت أداة للتفرقة ووسيلة لاكتساب مراكز شخصية أو الإحتفاظ عليها…”. لذلك فإن الموقعين على هذا الميثاق: ” قرروا التخلي عن صفتهم الحزبية وألوانهم السياسية، وفي غمرة من الأخوة الصادقة أسسوا الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، حيث سيجد كل مواطن مجالا للعمل الإيجابي في جو من الوضوح والحماس وذلك لتحقيق الأهداف التالية:
– الدفاع عن الاستقلال ووحدة التراب الوطني.
– جلاء القوات الأجنبية.
– تصفية مخلفات الاستعمار .
– مواصلة سياسة التحرر الاقتصادي.
– تحقيق الإصلاح الزراعي.
– انتهاج سياسة التصنيع وتأميم المرافق الحيوية.
– الإسراع بتحقيق إصلاحات جوهرية وتكوين إطارات وفقا لمقتضيات بناء الاستقلال.
– اتباع سياسة منطقية في التعليم .
– إقامة ديمقراطية واقعية تضمن لجميع المواطنين تسيير شؤونهم بأنفسهم سواء على الصعيد الوطني أو المحلي، في دائرة ملكية دستورية تحت رعاية صاحب الجلالة الملك محمد الخامس.
– مساعدة الشعب الجزائري المكافح من أجل التحرر وتحقيق الاستقلال ووحدة المغرب العربي.
– تطبيق سياسة خارجية مبنية على مبدأ عدم التبعية.
وانتهى الميثاق بدعوة المواطنين لأخذ مكانهم داخل الاتحاد : “ونسيان الحزازات والأحقاد ونبذ كل تعصب حزبي والعمل الإيجابي بروح الوئام والامتثال، في سبيل بناء مغرب تسود فيه الأخوة والرفاهية والديمقراطية تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة محمد الخامس».
فبهذا الماضي المتوهج، يعيش الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، منذ مؤتمره الخامس الذي عقد في 12 ماي 2007، نوعا ما إخفاتا؛
لكن يبقى تاريخه من أغنى الأحزاب السياسية التي بصمت فترة ما بعد الاستقلال، من خلال بروز تيار تقدمي من داخل حزب الاستقلال في أواخر الخمسينات، أفرز فيما بعد حزبا جديدا تحت إسم: الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وضم أبرز القادة السياسيين في تاريخ المغرب الحديث على غرار عبد الله إبراهيم الذي قاد أول حكومة بتوجه يساري في تاريخ المملكة المغربية، قبل أن ينشق سنة 1975 ويخرج من رحمه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
فمن الصعب الحديث عن تاريخ المغرب المعاصر دون ذكر الاتحاد الوطني للقوات الشعبية؛ فمن المفترض ربط السابق باللاحق لحضور يليق بتاريخ الاتحاد الوطني للقوات الشعبية… ببناء هيئة مناضلة تؤمن بمشروع حزب القوات الشعبية؛ متوافقة لبناء حزب كبير تحت مظلة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وتهيأ مؤتمرا سادسا، لتغيير القانون الأساسي وقيادة جديدة تجمع الجيل القديم والجيل الجديد لتدخل غمار الاستحقاقات مع ما يتطلبه المشهد السياسي المغربي خصوصا أن قوة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية مرتبطة بالاتحاد المغربي للشغل، الذي أصبح يمثل فيما بعد خليطا من الأحزاب السياسية التي لم تجد لها سندا نقابيا.