الألباب المغربية/ نادية عسوي
الشباب ربيع العمر، لحظة الانطلاق المليئة بوميض الأحلام، حيث الطموحات تُبنى على قناعة أن الغد لا بد أن يكون أفضل. هم زهرة المجتمع، وجذوة طاقته، ووقوده نحو المستقبل. لكن هذا الربيع كثيرًا ما يُجهض قبل أن يزهر، في عالمٍ يزداد قسوة، يسير بهم نحو المجهول.
في زمن الحروب والانتكاسات، حيث الحقوق المكتسبة تُسلب واحدةً تلو الأخرى، وحيث الحديث عن تقاعد كريم يصبح ضربًا من المستحيل، يجد الشباب أنفسهم أمام واقع مُرّ. عقود من الدراسة والمعرفة الجامعية والمهنية، تُستبدل بعطالة مزمنة واغتراب داخلي قاتل. يعيشون ذروة العمر في انتظار فرصة، وكأن أعمارهم ليست أغلى ما يملكون.
لكن الحقيقة التي لا بد أن نعترف بها، أننا نحن أبناء جيل البايبي بومر نتحمل جزءًا من المسؤولية. حصلنا على كل شيء: تعليم مجاني، شغل مبكر، استقرار اجتماعي نسبي، وحتى فسحة من الأمل في المستقبل. ومع ذلك، حرمنا أبناءنا من أبسط حقوقهم. ورثنا لهم أزمة بطالة، انسدادًا في الأفق، وخرابًا في منظومات التعليم والعمل والعيش المشترك.
إن الأوان لننظر إلى الأمور بشكل مختلف، أن نكسر حلقة التكرار ونُسَيِّر سياسات تخدم الأجيال القادمة بدل أن تُثقل كاهلها. لا نحتاج شعارات جديدة بقدر ما نحتاج شجاعة جديدة: شجاعة الاعتراف، وشجاعة الإصلاح، وشجاعة بناء مستقبل لا يُفرّط في شباب اليوم كما فرّط فيهم الأمس.