الألباب المغربية – مصطفى طه
رد سعيد أفروخ، رئيس المجلس الإقليمي لورزازات، على مقال نشر في موقع إلكتروني، بعنوان “بين افضايح ولعافية: هوليود المغرب كتموت كل يوم والمنتخبين ديالها فالشمال كيتبحرو”.
وفي سياق متصل، تحدث رئيس المجلس الإقليمي لورزازات المذكور، قائلا، أنه: “طلعت علينا يومه جريدة الكترونية بمقال حول ورزازات عنونته ب “هوليود المغرب كتموت كل يوم و المنتخبين ديالها فالشمال كيتبحرو” وضمنته فقرة تخصني شخصيا، وكرئيس المجلس الاقليمي لورزازات، مدعية تورطي في أفعال لا أخلاقية. مشيرة إلى انه تم الاستماع لي في الموضوع من طرف النيابة العامة”.
و عبَّر المصدر ذاته، عن استنكاره لنشر هذه الأخبار الكاذبة، والتي هي من وحي الخيال، قائلا، أن: “هذه الأخبار التي أنفي جميع تفاصيلها نفيا قاطعا، فإنني و بكل تأكيد سأسلك كل الطرق القانونية ضد هذه الجريدة الالكترونية. كما احتفظ بحقي في متابعة كل الذين قاموا بنشر الخبر وساهموا في التشهير بقصد أو بغير قصد دون أن يكلفوا أنفسهم أمر البحث والتقصي قبل النشر والتقاسم”.
وتابع رئيس المجلس الإقليمي لورزازات المشار إليه، متحدثا: “أحيي عاليا الصحافة الوطنية الالكترونية الجادة، والتي تشتغل بمهنية واحترافية، ولا تنشر الأخبار الزائفة والكاذبة التي تروم بواسطتها النيل من الأفراد والمؤسسات، مع سبق الإصرار والترصد”.
وقال سعيد أفروخ: “إني بالمقابل أشجب وأندد بأشباه الصحفيين الذين ينجرون وراء ثقافة البوز، واستجداء اللايكات، من أجل الإساءة للأفراد والمؤسسات”.
وذكر المصدر عينه، قائلا: “وردت علي مكالمة مفادها أن لبسا وقع خلال التحرير، وأن المقصود هو رئيس مجلس إقليمي آخر، وليس رئيس المجلس الإقليمي لورزازات”.
وختم سعيد أفروخ كلامه، متحدثا: “أنا أقول في البدء والختم، القضاء بيننا والبينة على من ادعى”.
حري بالذكر، أن المشرع المغربي، عالج في منظومته الجنائية الحماية المقررة للحياة الخاصة ومن بينها جرائم السب والقذف وما إلى ذلك من جرائم ذات الاعتبار الشخصي، وعالجها في القانون الجنائي الذي صدر سنة 1962 وعرف عدة تعديلات وتتميمات، وأيضا قانون الصحافة الذي صدر حينئذ في إطار ظهير الحريات العامة سنة 1958، لكن التشهير لم يكن معروفا حينئذ في المنظومة الجنائية المغربية إلى أن تم تأطيره بمقتضى مدونة الصحافة وأيضا بمقتضى قانون محاربة العنف ضد المرأة الذي تمم منظومة القانون الجنائي. لكن مع ذلك ينبغي القول أن الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان سواء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية ذكرت كلمة التشهير واعتبرتها من الأفعال المشينة التي يجب أن يبتعد عنها المواطنين بصفة عامة والصحافيين بصفة خاصة، والمعلوم أن الاتفاقيات الدولية بعد التوقيع والمصادقة عليها تصبح جزء من القانون الوطني، بل وتطبق بالأولوية على القانون الداخلي، والقضاء الوطني ملزم بتطبيقه. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن ظاهرة وجريمة التشهير هي مؤطرة من الناحية القانونية منذ عقود، رغم أن أهميتها وخطورتها زادت في هذا الوقت بالنظر للتطور الحاصل في تقنيات التواصل والاتصال.
و قد خصص القانون رقم 13/103 المتعلق بالعنف ضد النساء الفصل 2. 447 عقوبة حبسية من سنة إلى واحدة إلى ثلاث سنوات وغرامة من 2000 إلى 20000 درهم كل من قام بأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، ببت أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته، دون موافقته، أو قام ببت أو توزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة بقصد المس بالحياة الخاصة للأشخاص أو التشهير بهم، وأيضا في الفصل الثالث من مدونة الصحافة المتعلقة بالحياة الخاصة والحق في الصورة أورد القانون عبارة التشهير في المادة 89 منه الذي اعتبر انه يعد تدخلا في الحياة الخاصة تعرض أي شخص يمكن التعرف عليه وذلك عن طريق اختلاق ادعاءات أو إفشاء وقائع أو صور فوتوغرافية أو أفلام حميمية للأشخاص، أو يتعلق بحياتهم الخاصة ما لم تكن لها علاقة بالحياة العامة أو تدبير الشأن العام، ولكن شريطة عدم موافقة الشخص المعني. وعاقب بغرامة قد تصل إلى 50000 درهم وأحيانا إلى 100000 درهم. وبذلك فان المغرب أصبح له إطار قانوني واضح يجرم التشهير سواء في القانون الجنائي بالنسبة للعموم أو في قانون الصحافة بالنسبة للصحافيين واشترط ثلاث شروط لكي يعاقب على ذلك وهي أن يكون نشر أقوال وأفعال أو صورة لشخص وأن يكون القصد هو المس بالحياة الخاصة، وأن لا يكون الشخص موافقا على النشر، وفي حالة غياب شرط واحد من هذه الشروط فلا مجال للقول بوجود فعل التشهير الذي يعاقب مرتكبه. ولعل أهم شرط يثير بعض الأشكال في هذا المجال ارتباطا بعمل الصحافي هو شرط القصد بالمساس بالحياة الخاصة. وقد اعتبرت مدونة الصحافة اثناء تنظيمها للحياة الخاصة، أن التجريم مرتبط بما إذا كان التدخل وثيق بالحياة العامة أو له علاقة بتدبير الشأن العام، وهنا نستطيع أن نؤكد أن القانون بالفعل نجح في إقامة تفرقة واضحة بين الحياة العامة والحياة الخاصة واعتبر أن الحياة الثانية هي الوحيدة التي تعتبر شرطا من شروط التجريم، وهو مفهوم متقدم لحماية الحقوق والحريات الأساسية للصحافيين وفق ما جاءت به المواثيق الدولية وأيضا القضاء الدولي، ولاسيما أحكام قرارات المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان التي كانت تعتبر ان الأشخاص العامة تتولى تدبير الشأن العام لا تستفيد من الحماية الخاصة بالأشخاص العاديين، وبالتالي يبقى المجال مفتوحا للصحافة من اجل الدخول بشكل معمق لتفاصيل الحياة الخاصة للشخصيات العامة من دون أن يطالها أي تجريم. وهذا التوجه الجديد لقانون الصحافة المغربي، ربما يقطع مع ممارسات غير صحيحة للقضاء المغربي الذي كان يتعامل بنقيض هذا المبدأ، وكان يعاقب الصحافيين بعقوبات حبسية ومالية مشددة لمسهم بالحياة الخاصة للشخصيات العامة، ولو أن لها علاقة بمسؤوليتهم العامة وبتدبيرهم للشأن العام الذي من حق الصحافي تناوله.