الألباب المغربية/ يونس وانعيمي
لم أكن أعلم أن للمونديال حكومة؟ ولم يكن في علمي أن هناك تنافس بين أحزاب للظفر بقيادتها؟
كل ما أعرفه هو أن للمونديال مؤسسة مركزية مشرفة هي الفيفا، وجهة محلية منسقة هي الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ولجنة تقنية يشرف عليها الملك شخصيا. الأوراش قيد التنفيذ ومؤشرات الإنجاز تتراكم رويدا رويدا ليكون المغرب وفيا لالتزاماته.
ربما عبارة “حكومة المونديال” عبارة رجعية يراد منها أن نفهم إنها تقصد تلك الحكومة التي سيتزامن وجودها مع المونديال.
لكن ما أهمية ذلك سياديا، حيث الحكومات منفصلة عن أزمنة المونديالات وتتمتع باستقلالية سيادية مقابل التظاهرات الرياضية التي تشرف عليها هيئات دولية؟ وما أهمية ذلك سياسيا، حيث الحكومات بنات انتخابات تشريعية وطنية ولها تعهدات برمجية مرتبطة بمعيش المواطن وتحسين جودة حياته وتعزيز حقوقه المقيدة في دساتيره، وليست مقيدة بمباريات وتصفيات وإقصائيات كروية؟
وما أهمية ذلك ديمقراطيا؟ حيث كنا ننتظر التنافس حول “حكومة الجفاف” أو “حكومة التعليم والتنمية” أو “حكومة تحديات الألفية” وربما ممكن أن نستوعب فكرة “حكومة الوحدة الترابية النهائية” تماشيا مع ما سيعيشه المغرب من ضغط جيوسياسي لما تتصالح روسيا وأمريكا… لكن لا أفهم عبارة “حكومة المونديال” أو ربما أفهم ثلاث معاني “طنزية”:
وضع السياسة والانتخابات والمؤسسات التي هي هياكل مستمرة ودستورية وسيادية تحت رهن الكرة والمونديال والفيفا التي هي هياكل غير سيادية وعابرة ولا يعنيها المغرب والمغاربة في شيء.
انخراط الأحزاب السياسية المتبارية في مسلسل ذغذغة الجماهير (الشبابية) المتيمة بالكرة واقتناص ربما فرصة لمصالحة هؤلاء الشباب معهم (الانتخابات) عندما نغويهم بأن ذهابهم للصناديق لانتخاب ممثليهم يشبه ذهابهم لاقتناء تذاكر الملاعب. هذا تلاعب بعقول الشباب لكن قبل ذلك، هو تلاعب بعقول المؤسسات.
ثالثا وأخيرا، فاللعبة الخبيثة هي إرجاء كل محاسبة سياسية لهذه الحكومة (سياسيا وبرمجيا وماليا) بالإلقاء بكل تركيزنا في اتجاه حدث كروي هو فقط محفز لإعادة إعمار البلاد وليس مطلقا حدثا مربحا (لن يضيف في أجمل توقعاته أكثر من نصف نقطة للناتج الوطني الإجمالي)، والتشويش علينا بمونديال لا علاقة تربطه بتلك الالتزامات الحكومية التي تعهدت بها الحكومة في البرلمان (فور تنصيبها) وبالتالي لا يحق لها أن ترمي بزمنها الدستوري تحت بطانية زمن كروي.
أنا، شخصيا، من اسمعه اليوم، من وزراء ورؤساء أحزاب، يطنب ويكثر الكلام عن المونديال وحكومته، سأصنفه دجالا حقيقيا لا يمت للديمقراطية بصلة.