الألباب المغربية/ حفيظ صادق – الصويرة
في أحد زوايا المدينة العتيقة بالصويرة، تحديدًا في مقهى شعبي بمكان يعرف بـ”الخبازة”، التقى غريب بمواطن يبدو غلبانًا على أمره.
كان المواطن يحتسي كأسًا من الشاي ويدخن سيجارة “طابا نوار” (كازا سبور) بشراهة، غير مبالٍ بمن يجلس بجانبه، في ذلك المكان الذي أحبه الروائي محمد زفزاف وكتب فيه روايته الشهيرة “الثعلب الذي يظهر ويختفي” في بداية السبعينات، كان الغريب يتأمل المشهد.
اشتد الجوع بالغريب، ورغب في تدخين سيجارة لكنه لم يجد سوى بقايا سيجارة المواطن، كانت اللحظة مشوبة بنوع من الحنين والغموض، تتداخل فيها مشاعر الأمس واليوم ولا نعرف ما يخبئه لنا الصباح.
كان المواطن يغني ويدندن بكلمات غير واضحة: “البيت مجير و… تشير” و”شافو قبي منفوخ ويسحابو… حتى هوا”، مما أثار استغراب الغريب.
في هذا المقهى البائس، جلس الناس على كراسٍ قديمة، وتناولوا الطعام في أوانٍ غير نظيفة، بينما صاحب المقهى يدخن ويضحك مع زبون آخر.
أكثرية الزبائن يفضلون أكلة “تالخشا”، وهي البيصارة بالفول مع الحار والكمون وزيت الزيتون، مصحوبة بإبريق شاي بالشيبة.
الغريب، رغم جوعه، لم يهتم ببطنه بقدر ما أثارته التفاعلات والنقاشات الدائرة بين الزبائن.
من منا لم يجلس في مثل هذه المقاهي؟ من منا لم يكن غريبًا في مكان آخر من هذا العالم الغريب؟ التاريخ يعيد نفسه، والمكان والغريب سيظلان جزءًا من حكاية بلا نهاية، قصة تتكرر في كل زاوية من زوايا هذا العالم.