مصطفى طه
أراضي الجماعات السلالية، هي الأراضي التي ترجع في ملكيتها إلى جماعات سلالية في شكل قبائل أو دواوير أو عشائر، قد تربط بينهم روابط عائلية أو عرقية واجتماعية، ودينية، وحقوق الأفراد فيها غير متميزة عن حقوق الجماعة، حيث ينتفع بهذه الأراضي أعضاء هذه الجماعات السلالية منفعة مشتركة.
وفي سياق متصل، فالأراضي السلالية، تشكل رافعة استراتيجية لا محيد عنها، للنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية، بالنظر لدورها في الترويج للعرض الاستثماري، القادر على خلق الثروة وتوفير مناصب للشغل.

وفي هذا الصدد، ووعيا منه بأهمية الأراضي السلالية في تحقيق التنمية بالعالم القروي، ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يؤكد على ضرورة العمل على رفع مختلف العراقيل التي تحول دون التعبئة الكاملة لهذه الأراضي، عن طريق إعادة النظر في إطارها القانوني والمؤسساتي، وتبسيط المساطر لتدبير أنجع لهذا الرصيد العقاري.
وقد شكل خطابا صاحب الجلالة الملك محمد السادس في افتتاح البرلمان في 2018 ، وبمناسبة الذكرى ال 66 لثورة الملك والشعب، وكذا الرسالة الملكية السامية إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول “السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية” في دجنبر 2015 بالصخيرات، نبراسا لصانعي القرار من أجل بلورة مقاربة متجددة تدمج الأراضي السلالية ضمن منظومة متكاملة لتحقيق التنمية الشاملة بالعالم القروي، وهو ما تجلى في استراتيجيتي المغرب الأخضر، والجيل الأخضر 2020 – 2030.

وعلاقة بالموضوع، فذوي حقوق الأراضي المذكورة على المستوى الوطني، يطالبون على ضرورة التفكير في إيجاد حل لمسألة توحيد الجهة القضائية المختصة في الطعن ضد قرارات المحافظ على الأملاك العقارية، وإعادة النظر في العديد من المقتضيات القانونية ذات الصلة بالعقار للإسهام في تكريس الحماية كما هو الحال بالنسبة للفصل 109 من ظهير التحفيظ العقاري وذلك بتوسيع طرق الطعن، وكذا تعديل مقتضيات الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون 62- 77، على النحو التالي : تعتبر سلطة الوصاية طرفا أصليا في جميع نزاعات الأراضي السلالية، ومعالجة إشكالية إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه في المنازعات العقارية.
ومن ذوي الحقوق الذين يعانون من الترامي على أملاكهم، نجد أيت عطة بومالن دادس ( جيدا، وأيت سليمان، وأيت مسعود، وأغرود وأغرم ملولن)، ذوو الحقوق في العقار الجماعي المسماة بومالن دادس (1 و2 و3)، الكائنة بتراب قبيلة ايت عطة قيادة بومالن دادس دائرة بومالن دادس إقليم تنغير، مساحتها الإجمالية 26.700.00 هكتار تقريبا، حسب الجريدة الرسمية رقم 3544 بتاريخ 01 أكتوبر 1980.

وفي هذا الإطار، رفعت الجماعات السلالية لأيت عطة بومالن دادس في الأشهر القليلة الماضية، وبالضبط يوم 03 يناير 2023، شكاية إلى عامل مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية، مفادها أنهم يتعرضون على جميع التوقيعات والتفويتات، التي يقوم بها نائب أراضي الجموع لبومالن دادس الكبرى، بالإضافة إلى أنه تم تنصيب وتعيين نائب أراضي الجموع لبومالن دادس الكبرى، دون حضورهم، وبدون ممثلهم وبدون موافقتهم.
وفي السياق ذاته، فذوي حقوق الجماعات السلالية لأيت عطة بومالن دادس، تناشد السلطات المختصة بعزل نائب أراضي الجموع لبومالن دادس الكبرى، الذي تم تعيينه خرقا للقانون الجاري به العمل، وتمكينهم من جميع الحقوق أسوة بباقي أعضاء الجماعة السلالية المنصوص عليها في الجريدة الرسمية سالفة الذكر، هذا جهة.
من جهة أخرى، دعا ذوي حقوق الجماعات السلالية المشار إليها، التدخل العاجل والفوري للجهات المسؤولة، من أجل إفراغ وإرجاع عقارهم، وذلك على إثر استغلاله لسنوات من طرف الأغيار بطريقة غير قانونية، تتنافى وسبل تدبير الأراضي السلالية التي تعد وزارة الداخلية وصية عليها.
كما طالب أيضا المصدر عينه من وزارة الداخلية، الدخول على خط قضية الاستغلال “غير المشروع” لتلك الأراضي، وذلك ضمن مقاربة شمولية، تهدف إلى تحصين العقار الجماعي وحمايته من كل أشكال الترامي، وكذلك إحالة هذا الملف على القضاء قصد التصدي لاستنزاف هذه العقارات، والاستغلال غير القانوني لها من طرف الأغيار، وذلك من أجل إنهاء مظهرا من مظاهر الاستغلال غير القانوني للأراضي السلالية بالمنطقة، وبالتالي إرجاع عدد من هذه العقارات للجماعة السلالية لذوي الحقوق”، بالإضافة إلى خطو خطوات جريئة في الحسم مع عدد من الممارسات غير القانونية، كالمضاربات، والتلاعبات التي فرملت هذا الرصيد العقاري لسنوات، وأضرت بذوي الحقوق وبالمسار التنموي”.

حري بالذكر، أن التشريعات الجديدة، بتوجيهات من الملك، تشكل ثورة قانونية في مجال تنظيم هذا العقار، حيث تضع حماية مكاسب ذوي الحقوق في الدرجة الأولى، وضبط وتحصين الأراضي السلالية وإعادة الاعتبار إليها، والتصدي لكل الممارسات التي تدمر هذا الرصيد، بالإضافة إلى تثمين الاستغلاليات وتشجيع الاستثمار.
