الألباب المغربية/ الحجوي محمد
كثيرًا ما ترفع الدول الغربية شعارات براقة حول الحرية والمساواة والدفاع عن حقوق الإنسان. وتظهر قوانينها في أجمل صورة، حيث تنص صراحة على حماية الفقير والمشرد، ومنع التعذيب، وتكريس مبادئ العدالة بين جميع الناس دون تمييز. هذه الصورة المثالية هي ما يتم تصديره للعالم، لتبدو كأنها النموذج الأمثل الذي يجب الاقتداء به.
غير أن الواقع على الأرض يكشف أحيانًا عن تناقض مؤلم وصادم. فخلف واجهة القوانين الجميلة، تظهر مشاهد لا تتلاءم مع تلك الشعارات. مشاهد لرجال شرطة، من المفترض أنهم حماة القانون ودرع المجتمع، يعاملون أضعف الناس بقسوة مفرطة. يتم التعامل مع المشردين والفقراء ليس كضحايا يحتاجون إلى الرعاية والمساعدة، ولكن كمجرمين أو كأشخاص يجب إزاحتهم من المشهد العام.
إن الإنسان المشرد الذي لا مأوى له، والذي تخلت عنه كل وسائل الدعم الاجتماعي، لا يحتاج إلى صاعقة كهربائية أو قيد يكبّل معصميه. هو في أمس الحاجة إلى يد حانية تمتد إليه، وإلى قطعة خبز تسد جوعه، وإلى ملجأ دافئ يؤويه من قسوة الطبيعة والناس. إن معاقبة إنسان على فقره وضعفه هو أبشع أشكال الانحدار الأخلاقي لمجتمع يزعم التحضر.
هذه الممارسات تطرح سؤالاً جوهريًا عن عدالة القانون نفسه. فالقانون ليس مجرد نصوص مكتوبة على ورق، بل هو روح تطبقها النفوس. وعندما تعجز هذه النفوس عن فهم معنى الرحمة، أو عندما تميل إلى الظلم والتمييز ضد من هم أدنى منها اجتماعيًا أو اقتصاديًا، فإن أرقى القوانين تتحول إلى حبر على ورق. عندها ندرك أن العدالة البشرية، مهما بلغت من التقدم والتطور، ستظل عدالة ناقصة وقاصرة.
وفي خضم هذا التناقض بين النص والممارسة، وبين الشعارات والواقع، يبقى الملجأ الأخير والأوحد للمظلوم هو العدالة الإلهية. فالله سبحانه وتعالى هو العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة، وهو القادر على أن ينصف الضعيف من القوي في ساحة لا مكان فيها للثروة أو النفوذ. يوم القيامة، يوم لا ينفع مال ولا جاه، ستُرد الحقوق إلى أصحابها، وتُقتص للمظلوم من ظالمه، فتتحقق العدالة المطلقة التي عجزت عنها كل قوانين الأرض.