الألباب المغربية/حبيب سعداوي
تعتبر مدينة الفقيه بن صالح على غرار بعض المدن الأخرى بجهة بني ملال خنيفرة، من المناطق التي عانت كثيرا من ويلات سياسة التهميش والعزلة طيلة العقود الماضية. وهو ما زاد من تأزم الوضعية الاقتصادية والاجتماعية التي سادت خلال هذه الفترات، قبل أن تدرك الدولة أن التهميش والإقصاء الذي عانته الفقيه بن صالح والمناطق التابعة لدائرتها طيلة العقود الماضية كان نتيجة سياسة فاشلة تعود لعهد الرئيس المعتقل بسجن عكاشة ومن معه من المفسدين، والتي أضرت كثيرا بفرص التنمية والتأهيل المواتية.
وكانت العوائق والخصائص التي طبعت الحالة الاقتصادية والاجتماعية لمدينة الفقيه بن صالح مصدر الصعوبات البنيوية التي عمقت من معاناة ساكنتها، في ظل غياب موارد وأنشطة اقتصادية، وكذا في ظل حالة الضعف وقلة النشاط والرواج التجاري والخدماتي، فقد ظلت الدولة المغربية في منأى عن هذا الوضع المزري بالرغم من الصيحات التي تعالت لأزيد من 20 سنة، ولم تعمل على اتخاذ التدابير اللازمة لتجاوز هذه الوضعية وتأهيل المدينة عبر إستثمار مواردها الطبيعية”الفوسفاط والفلاحة”، ومؤهلاتها البشرية “الهجرة” والتي شكلت العنصر الواعد دون أن يقابلها استثمار وترشيد معقلن.
ومع بداية تهجير أو هجرة أبناء المنطقة في اتجاه بلدان أوروبا ، ٱرتبط الاقتصاد المحلي بعائدات المهاجرين كمتنفس جديد وبمثابة الحل المناسب للخروج من الحالة المزرية التي تسبب فيها الرئيس المعتقل ومن معه من ذوي المصالح الشخصية.
وعلاوة على هذا كله، فإن ضعف القطاع الفلاحي، لاسيما أمام غياب تدابير وإجراءات إصلاح الأراضي ومساعدة الفلاح للتغلب على الظروف الطبيعية وتطوير هذا القطاع بتجاوز معيقاته، فان حال القطاعات الأخرى، “كقطاعي الرياضة والثقافة” لم يكن أبدا على أحسن من حال وواقع القطاع الفلاحي، وكان حضور قاعدة صناعية بالإقليم عامة شبه مغيب بالرغم من الوعود، ماعدا بعض الوحدات التي لم تشفي غليلا..
وعلى مر السنوات الماضية بقيت الوضعية الاقتصادية والاجتماعية على حالتيهما في غياب لرافد اقتصادي مهم يرتبط أساسا بقطاع الاستثمارات أو القطاعات الاستراتيجية والمهيكلة التي كان من المفترض أن تلعب دورا حيويا في الحياة التنموية باقليم الفقيه بن صالح عامة. ومن العوامل التي جعلت الاستثمار جد محدود ان لم نقل منعدم، طبيعة الوضعية التي كانت لا تساعد على جلب هذه الاستثمارات، بحكم غياب أبسط مظاهر التشجيع والدعم المعنوي؛ وهو الشيء الذي دفع بالعديد الى التوجه نحو مناطق أخرى من المغرب.
كل هذه الأسباب جعلت من الفقيه بن صالح أيام التسيير الظلامي مأوى أنشطة الاقتصاد غير المهيكل والفوضوي وازدهار بما يسمى بالنهب والسرقة والاغتناء الفاحش، وهو ما فرض غياب شبه تام لفرص الشغل والتنمية الواعدة والإقلاع الاقتصادي وتجاوز حالة التأخر والعزلة، إسوة بمدن الجهة، خاصة أمام المؤهلات الطبيعية والبشرية التي يتوفر عليها الإقليم(ثروة فوسفاطية، فلاحية، وبشرية).
وإذا كان هذا هو الواقع الذي ميز عموما السنوات الماضية في عهد الفساد والاستبداد، فان العهد الجديد “المكتب الجديد” مطالب بمنح المدينة بعض الاهتمام الذي يرمي إلى التأهيل والتنمية عبر خلق مشاريع وفتح أوراش عديدة، التي تجعل المنطقة تحظى ولو بنصيب قليل من المشاريع والمنجزات.