الألباب المغربية/ عزيز الخطابي
في خضم انتصارات منتخبنا الوطني المغربي لأقل من عشرين سنة، الذي حقق فوزًا مذهلاً على فرنسا وتأهل لنهاية كأس العالم، يبدو أن الطريق مفتوح أمامه للفوز بكأس العالم. لكن يبقى سؤال يثير فضولنا: متى سنرى منتخبين سياسيين يرفعون راية الوطن كما يفعل لاعبونا في الملاعب؟ في حين أن كرة القدم أصبحت الشغف الوحيد الذي يجمعنا، نجد أن السياسة تحولت إلى ساحة صراع بين أصحاب المصالح.
لنكن صادقين، إن انتصارات منتخب كرة القدم تثير حماسنا وتوحدنا كأمة. نخرج إلى الشوارع، نرفع الأعلام، ونحتفل كأننا فزنا بجائزة نوبل للسلام. لكن عندما يتعلق الأمر بالسياسة، يتحول الحماس إلى خيبة أمل. فبدلاً من رؤية سياسيين يعملون معًا كفريق، نلاحظ أن كل واحد منهم يتنافس على من يستطيع إلقاء أكبر عدد من الوعود الجوفاء. وكأنهم في مباراة كرة قدم، لكن بدلًا من الأهداف، يسجلون نقاطًا في سجلات الفشل.
هل سأل أحدهم يومًا: “ماذا قدمت لمن انتخبني؟” أم أنهم مشغولون أكثر بحفلات الاستقبال والظهور الإعلامي؟ يبدو أن بعض السياسيين نسوا أن دورهم ليس مجرد إلقاء الخطابات الرنانة، بل هو تقديم خدمات حقيقية للمواطنين. وعندما نتحدث عن الخدمة، لا نعني التوزيع العشوائي للوعود، بل العمل الجاد والمخلص لتحقيق التنمية.
لقد آن الأوان أن نتساءل: هل يمكن للمنتخب السياسي المغربي أن ينتصر على الجهل والتعليم والصحة والكرامة والعدالة الاجتماعية؟ هل سيستطيع هؤلاء المنتخبون تحقيق انتصارات حقيقية تشمل تحسين مستوى التعليم، وتوفير خدمات صحية عادلة، وتعزيز كرامة المواطن، وتحقيق العدالة الاجتماعية؟
السياسة ليست مجرد لعبة أو مسرحية كوميدية، بل هي علم ومبادئ وفلسفة تحتاج إلى شجاعة وأخلاق. لكن يبدو أن بعضهم يعتقد أن السياسة هي مجرد ملعب يتنافس فيه اللاعبون للحصول على أكبر عدد من المشجعين، بغض النظر عن الأداء. لذا، نرى البعض يبتكرون أساليب جديدة للتلاعب بالمواطنين، وكأنهم لاعبو سحر في عالم الكرة.
إذا كنا قادرين على تشكيل منتخبات رياضية تحقق الانتصارات، فلماذا لا نستطيع تشكيل منتخبين سياسيين يديرون شؤون البلاد بكفاءة ؟ يبدو أن الإجابة تكمن في أننا بحاجة إلى إعادة التفكير في معايير اختيارنا لهم. يجب أن نضع في اعتبارنا أن السياسة ليست مجرد وظيفة، بل هي مسؤولية عظيمة يجب أن يتحلى من يمارسها بالنزاهة والشفافية.
دعونا نتخيل لحظة: ماذا لو كانت لدينا انتخابات تشبه مباريات كرة القدم؟ حيث يتنافس السياسيون في مهاراتهم وقدراتهم على تقديم الحلول، ويقوم الناخبون بتقييم أدائهم بناءً على نتائجهم. في هذه الحالة، لن نحتاج إلى مشجعين، بل إلى مواطنين يطالبون بحقوقهم ويبحثون عن الأفضل.
في النهاية، حان الوقت لنتساءل بجدية: متى سنرفع راية الوطن بفخر في السياسة كما نفعل في الرياضة ؟ لنستثمر في بناء منتخب سياسي يستحق أن نرفع له القبعات، عوضًا عن أن نكتفي بمشاهدة الألقاب تُحقق في الملاعب بينما تُهمل قضايا الوطن. قد يكون لدينا منتخب كرة قدم يرفع الرأس، لكن ماذا عن منتخب سياسي ينتصر على الجهل والمرض ويحقق العدالة الاجتماعية؟ وهذا هو التحدي الحقيقي الذي علينا مواجهته، خاصة مع توقع فوز المنتخب المغربي بكأس العالم.