الألباب المغربية
دعت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، في مذكرة موجهة إلى وزير الداخلية، إلى إشراك فعلي وواسع للمجتمع المدني في ورش إصلاح المنظومة القانونية الانتخابية، معتبرة أن هذا الإشراك يشكل “شرطاً أساسياً لإنجاح أي إصلاح ديمقراطي حقيقي، ولتعزيز الثقة في العملية الانتخابية ومخرجاتها”.
وتأتي هذه الدعوة بمناسبة تخليد اليوم الدولي للديمقراطية (15 شتنبر)، وفي سياق نقاش وطني متصاعد حول مستقبل الديمقراطية التمثيلية بالمغرب، وسط تأكيد من العصبة على أن الاقتصار على التشاور مع الأحزاب السياسية، كما هو معمول به، “يُقصي فاعلين أساسيين، ويكرّس فكرة أن الانتخابات شأن حزبي صرف، في حين أن المجتمع بكل مكوناته معني بالعملية الديمقراطية ومؤسساتها”.
وأكدت العصبة، في مذكرتها، أن منظمات المجتمع المدني، وخاصة الجمعيات الحقوقية، تمتلك خبرة ميدانية واسعة في مجالات مراقبة الانتخابات، وتوعية الناخبين، وتحليل النصوص القانونية، ورصد التجاوزات، مما يجعلها فاعلاً مؤهلاً لتقديم مقترحات عملية وموضوعية من شأنها تجويد الترسانة القانونية المؤطرة للانتخابات.
كما أشارت إلى أن إشراك هذه المنظمات من شأنه أن يحقق عدة مكاسب من قبيل، “تعزيز الشرعية والمصداقية عبر ضمان تمثيل أوسع لتطلعات المواطنين، وخاصة الفئات غير الممثلة سياسياً، وإثراء النقاش وتوفير الخبرة التقنية والقانونية، وكذا ضمان شفافية أكبر في صياغة القوانين الانتخابية والحد من تضارب المصالح أو التأثيرات الحزبية الضيقة، بالإضافة إلى الاستجابة لتطلعات فئات مهمشة مثل النساء والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة ومغاربة المهجر وبناء القدرات المؤسساتية للمجتمع المدني كشريك دائم في العملية الديمقراطية.
ولإسناد موقفها، استعرضت العصبة عدة تجارب دولية أكدت على دور المجتمع المدني في الإصلاحات الانتخابية، منها تجربة سيراليون، حيث ساهمت الجمعيات المدنية في تثقيف الناخبين ورصد الانتهاكات ومنع العنف الانتخابي، ما عزز ثقة المواطنات والمواطنين في العملية السياسية.
كما أشارت إلى أدوار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) التي تعمل على تدريب منظمات المجتمع المدني لمراقبة الانتخابات وصياغة التوصيات، إضافة إلى تجربة كندا التي شهدت ضغطًا مجتمعياً أدى إلى نقاشات هيكلية حول أنظمة التصويت والتمثيلية، ما اعتُبر نموذجاً لإمكانية المجتمع المدني في قيادة التغيير الديمقراطي.
وفي هذا السياق، دعت العصبة إلى توسيع المشاورات المرتبطة بالإصلاح الانتخابي لتشمل الجمعيات الحقوقية ذات الخبرة في رصد الانتهاكات الانتخابية والدفاع عن الحقوق المدنية، والجمعيات النسائية والشبابية لضمان إدماج فعلي لقضايا النوع الاجتماعي وتوسيع مشاركة الشباب، النقابات والمنظمات المهنية لربط التشريع الانتخابي بتحديات الفئات الشغيلة، والخبراء والأكاديميين لتوفير تأطير علمي وتحليلي للتعديلات المقترحة، وسائل الإعلام كفاعل أساسي في توسيع النقاش العمومي وتعزيز الشفافية.
وأوضحت العصبة أن هذه المقاربة الشاملة تنسجم مع مقتضيات الدستور المغربي، وخاصة فصله الثاني عشر الذي ينص على إشراك المجتمع المدني في إعداد السياسات العمومية، كما تستجيب للالتزامات الدولية للمملكة في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية.
وفي ختام مذكرتها، شددت العصبة على أن “فتح مشاورات واسعة مع المجتمع المدني ليس فقط التزاماً دستورياً وأخلاقياً، بل هو خطوة ضرورية لبناء ديمقراطية قوية ومستدامة، تستند إلى الشرعية المجتمعية وتستجيب لتطلعات المواطنات والمواطنين”.