الألباب المغربية/ سمير السباعي
يشكل الاحتفاء الجماهيري بظاهرة مجموعات الفن الغيواني لحظة ثقافية مهمة، ليس فقط لإحياء ما يحمله هذا التراث الشعبي من تمثلات و دلالات في وجدان الجمهور المغربي، وإنما أيضا مناسبة للتأصيل ما أمكن لتلاقح فني تلتقي فيه تجارب رواد الظاهرة بالأصوات الغيوانية الجديدة، التي اختار من خلالها عدد من الشباب اليوم معانقة هذا النمط الغنائي بشكل يخدم على ما يبدو استمرارية هذا الأخير كفعل ثقافي منشود وسط الأجيال الصاعدة. ضمن هذا السياق وفي إطار تخليد ذكرى عيد الشباب المجيد تم مساء يوم الثلاثاء 20 غشت 2024 بساحة بشار الخير بالحي المحمدي بالدار البيضاء افتتاح فعاليات مهرجان ظاهرة المجموعات في دورته الثالثة والتي تنظمه مقاطعة الحي المذكور هذه السنة تحت شعار”ظاهرة المجموعات هوية وإرث فني يجب ان يستمر”.
وقد عرف حفل الافتتاح حضورا جماهيريا ملحوظا من طرف ساكنة الحي وباقي رواد هذا الحدث الثقافي إلى جانب شخصيات سياسية ومدنية وأخرى تمثل رجالات السلطة أبرزهم والي مدينة الدار البيضاء وعامل عمالة الحي المحمدي عين السبع إلى جانب أعضاء وعضوات من مجلس مقاطعة الحي المحمدي.
وقد تميزت الفقرات الفنية المقدمة خلال هذا اليوم الأول من المهرجان بالتنوع إلى حد ما حيث خصصت الجهة المنظمة مساحة وفاء وتكريم لأحد مؤسسي الظاهرة الغيوانية والمقصود هنا عمر السيد الذي ساهم إلى جانب أسماء عديدة أمثال الراحلين العربي باطما وبوجميع والفنان عمر السيد في التأسيس لفرقة ناس الغيوان كمجموعة غنائية راهنت على معانقة الموروث الشعبي المغربي وجعله إطارا لإنتاج أغاني بصمت لها على حضور لعقود طويلة من الزمن وإلى الآن في ذاكرة المتلقي المغربي، إلى جانب أغاني فرق مؤسسة هي الأخرى للظاهرة كجيل جيلالة ولمشاهب. وقد تفاعل الجمهور الحاضر بساحة بشار الخير بقوة مع فقرات غنائية قدمتها مجموعات ناس الغيوان وميلود مسناوة وافريكا سلم خلال اليوم الأول للمهرجان عبر طابق فني امتزج فيه تقديم أغاني من الأرشيف الغيواني.
وقد أكد عدد من أعضاء اللجنة المنظمة سواء عبر كلمات افتتاحية من على منصة الحفل أو عبر تصريحات إعلامية على أهمية عقد هذا الحدث الفني المحتفي بظاهرة المجموعات الغيوانية في أحد الفضاءات التاريخية المنتجة لهذه الأخيرة وهو الحي المحمدي بالدار البيضاء، بما يحمله ذلك من دلالات الاعتراف بمساهمة هذا الفضاء الحضري في تشكيل جزء من الهوية الثقافية ببلادنا ككل إن صح التعبير. ويبقى الجمهور على موعد طوال أيام هذا الأسبوع وإلى حدود السبت 24 غشت 2024 مع عروض فنية لفرق أمثال لمشاهب وجيل جيلالة وولاد السوسدي ومجموعات أخرى اختارت النمط الغيواني كبؤرة ثقافية لإنتاج تجاربها الفنية الحالية مع عزم المنظمين أيضا على تنظيم جلسات بوح حواري يستعرض من خلالها بعض الرواد المؤسسين للظاهرة عبر لقاءات مفتوحة بمنتزه بشار الخير بنفس المنطقة خلال نفس الأسبوع جزءا من سرديات التأسيس وولادة التجربة في عقودها الأولى من القرن الماضي.