الألباب المغربية/ الحسين شرب
أصبحت الجماعات تحتل مكانة دستورية مهمة، وتعد شريكا ترابيا للدولة، في تنزيل وتنفيذ المشاريع التنموية والاستثمارية على المستوى الترابي، خاصة بعد تبني المغرب لخيار اللامركزية في تدبير الشأن العام. وتعتبر الجماعة وحدة ترابية محورية في النظام اللامركزي تدور حولها البرامج والمخططات والمشاريع التنموية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إذ تقوم الجماعات الترابية بدور كبير في إنجاز البنية التحتية للقرب وتقديم خدمات القرب المرتبطة بالحياة اليومية للمواطنين، لذلك جاءت الاختصاصات المنوطة بجهازيها التداولي والتنفيذي أكثر دقة وتفصيل ضمن القانون التنظيمي المتعلق الجماعات 113- 14. ولتفعيل اختصاصاتها وأدوارها التنموية، منحها المشرع المغربي مجموعة من الآليات والاختصاصات للقيام بدورها على أحسن وجه.
كان ضروريا من هذه التوطئة للتعريف بالجماعة الترابية من خلال الدستور المغربي لسنة 2011 وخاصة المواد 135، 136 و 137 منه إذ خصها 2011 بباب تحث عنوان الجماعات الترابية والجهات، ونص على مبادئ دستورية، كمبدأ التدبير الحر، والتفريع، ومبدأ التعاون، والتدبير التشاركي.
ورقة تعريفية بجماعة فم أودي:
- الوضع الإدارية للجماعة:
تخضع الجماعة الترابية لفم أودي للنفوذ الإداري لجهة بني ملال -خنيفرة، إقليم ودائرة بني ملال، قيادة أولاد امبارك وتتخذ من فم أودي المركز موقرا إداريا لها.
- لمحة عن التطور التاريخي للجماعة:
لقد تم إحداث جماعة فم أودي سنة 1960 ضمن نفوذ عمالة إقليم أزيلال وكان مقرها مشتركا مع جماعتي بين الويدان وواويزغت. وبعد بناء مقرا جديدا لهذه الجماعة بمركز فم أودي سنة 1982 لتنتقل إليه الادارة الجماعية. وبموجب التقسيم الإداري لسنة 192 تم ضم جماعة فم أودي للنفوذ الإداري لإقليم بني ملال بعد أن تم تقليص مجالها الجغرافي بشكل كبير، حيث تم إلحاق مساحات مهمة منها بالمجال الإداري لجماعة بني ملال (مناطق تيفريت- أيت تسليت – الحرش- أوربيع) علاوة على خلق جماعة إسكسي تابعة لإقليم أزيلال المقتطعة من المجال الترابي لجماعة فم أودي.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الاقتطاع من المجال الترابي لجماعة فم أودي أثر سلبا على مواردها المالية. وتقع جماعة فم أودي على الطريق الوطنية رقم 8 ويحدها :
شمالا: جماعة بني ملال
جنوبا: جماعتي تيموليلت وواويزغت.
شرقا: جماعتي فم العنصر وإسكسي
غربا: جماعة أولاد امبارك.
وتبلغ مساحة جماعة فم أودي 108 كيلومترا مربعا.
- وتعيش بجماعة فم أودي ساكنة تنحدر في غالبيتها من قبيلة آيت عطى نومالو ومع توالي الأزمنة فقد اصبحت ساكنة جماعة فم أودي مزيجا من القبائل تتقاسم اللغتين الرسميتين للمغرب (العربية – الدارجة المغربية- والأمازيغية )، وقدرت ساكنة جماعة فم أودي حسب الاحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014 حوالي 12233 نسمة تعيش على مساحة 108 كلم² بمتوسط كثافة سكانية يفوق 113 نسمة/كلم² إلا أنه واستنادا لإسقاطات الساكنة الواردة بالمعطيات الاحصائية لسنة 2014، فإن ساكنة الجماعة في سنة 2023 ستقارب 16669 نسمة.
بعد هذا التعريف المختصر بالجماعة وحدودها وعدد سكانها سننتقل إلى التطرق إلى المجلس المنتخب لتدبير الشأن المحلي لها وتركيبته السياسية، إذ أنه وبعد الانتخابات الجماعية لسنة 2021 تم انتخاب مجلسا لتدبير الشأن المحلي بجماعة فم أودي يتكون من ثمانية عشر عضو مستشار من بينهم ستة (6) مستشارات بتشكيلة سياسية كالتالي:
- ستة أعضاء(06) عن حزب الأصالة و المعاصرة .
- ستة أعضاء (06) عن حزب الاستقلال.
- أربعة أعضاء (04) عن حزب التجمع الوطني للأحرار.
- عضوان (02) عن حزب المؤتمر الوطني الاتحادي.
وقد أسندت رئاسة مجلس جماعة فم أودي لفريق حزب الأصالة والمعاصرة في تحالف مع حزب الاستقلال.
وتتشكل جماعة فم أودي من ستة (06 ) مشيخات وهي كالتالي:
- مشيخة النور
- مشيخة فم أودي المركز
- مشيخة أيت أونير
- مشيخة أيت عمير – أيت سيدي بوعلي
- مشيخة أيت سعيد أويشو
- مشيخة أحدجمي – ايت علوان.
منذ تأسيسها سنة 1960 توالت على تدبير شؤونها مجموعة من المجالس المنتخبة كانت سمتها الخصوصية النظرة الضيقة والنفعية البراغماتية للتنمية بحيث عرف قطار تنميتها تعثرا في إقلاعه وبطئا في سيرورته التاريخية بحيث ظلت الجماعة تعاني من ضعف البنى التحتية بل وانعدام العديد منها الشيء الذي شكل معانات كبيرة للساكنة وأثر سلبا على ظروف عيشها.
وحسب مصادر موثوقة للجريدة ظل الصراع على رئاسة مجلس الجماعة قائما بين آيت بوجو وآيت عمير طيلة عقود من الزمن ناهيك عن سيادة منطق القبيلة في التسيير وكيفية برمجة المشاريع التنموية، إذ يتم تغييب الاستثمار في العنصر البشري الذي هم محور التنمية كما هو متعارف عليه كونيا وكما تؤكد على ذلك الخطابات الرسمية لملك البلاد. إن الزائر لجماعة فم أودي يكاد يجزم أنها تعيش العصور الحجرية رغم أنها لا تبعد عن مركز عاصمة جهة بني ملال – خنيفرة إلا ببضع كيلومترات بحيث تنعدم فيها جل المرافق الحيوية المتعلقة بالطفولة والشباب من ملاعب القرب ومسابح ودور الحضانة كما تنعدم فيها دار للولادة مقارنة مع المساحة الشاسعة التي تشغلها الجماعة وصعوبة تضاريسها.
بعد التقسيم الاداري لسنة 1992 عرفت الامكانات الطبيعية والمادية للجماعة تقلصا كبيرا جراء اقتطاع الجزء الكبير من المجال الحيوي للتراب الجماعي اعتبارا لكون جماعة فم أودي التي تعتبر الجماعة التي خرجت من رحمها جماعة إسكسي التابعة إداريا لإقليم أزيلال وفقدت جماعة فم أودي القسط الأكبر من مجالها الغابوي والسوق الأسبوعي الوحيد وبالتالي فقدت ميزانيتها مجموعة من الموارد المالية. كما أن إلحاق مساحات مهمة منها بالمجال الإداري لجماعة بني ملال (مناطق تيفريت- أيت تسليت – الحرش- أوربيع) ألحق ضررا كبير بميزانية الجماعة بحيث كان هذا المجال يشكل مجالا عمرانيا فقدت من خلاله جماعة فم أودي جزءا مهما من الموارد المالية.
من خلال هذا الجرد المقتضب للفرص التي عرفت تراجعا كبيرا لا يسع المتتبع للشأن المحلي بجماعة فم أودي إلا أن يقف مذهولا من هول التأخر الحاصل في الإقلاع التنموي بالجماعة. لكن الجماعة عرفت انطلاقة مجموعة من المشاريع التنموية – خلال الأربعة ولايات الأخيرة – سواء تعلق الأمر بمشاريع إعادة تأهيل الجماعة ببعض البنى التحتية من تجهيزات وتعبيد الطرق وتوسيع شبكة الكهرباء والماء الصالح للشرب وشبكة التطهير السائل وتأهيل المركز الصحي وتمكينه من بعض التجهيزات الطبية أو باقتناء عقار لإحداث مرافق رياضية (وتعد هذه البادرة الأولى من نوعها في تاريخ الجماعة بحيث تأكدت جرأة هذا المجلس باتخاذه هذا المقرر لفائدة الطفولة و الشباب) واقتناء عقار لإحداث سوق أسبوعي خاص بالجماعة.
وتجدر الإشارة إلى أن جماعة فم أودي – تحت إشراف رئيسها – ما فتئت تعمل وفق مبادئ الديمقراطية التشاركية منتهجة آلية المقاربة التشاركية سعيا منها لتحقيق إقلاع تنموي. – يتبع…..-