“البرامج المندمجة الموجهة للأشخاص في وضعية إعاقة : أي إسهام للمجتمع المدني للنهوض بأوضاع الأشخاص في وضعية إعاقة، محور لقاء دراسي بمجلس المستشارين

مصطفى طه

شكل موضوع “البرامج المندمجة الموجهة للأشخاص في وضعية إعاقةّ : أيُ إسهام للمجتمع المدني للنهوض بأوضاع الاشخاص في وضعية إعاقة”، محور لقاء دراسي بمجلس المستشارين، نظمتها يوم الثلاثاء 07 مارس الجاري، المجموعة الموضوعاتية المؤقتة الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة.

وعلاقة بالموضوع، يهدف هذا اللقاء، الذي شهد ثلاث جلسات، إلى توضيح الرؤى والإشكالات التي يثيرها الموضوع، والتوجهات والانتظارات والمقاربات والمعايير، بهدف توحيد منهجية مقاربة “البرامج المندمجة الموجهة الأشخاص في وضعية الإعاقة” بين مختلف أعضاء المجموعة الموضوعاتية المؤقتة، بغية الخروج بتصور مشترك.

وفي هذا الإطار، الجلسة الأولى ترأستها المستشارة البرلمانية، فاطمة الحساني، رئيسة المجموعة الموضوعاتية، كما عرفت هذه الجلسة كذلك كلمة كل من رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، ووزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة.

أما بالنسبة للجلسة الثانية، فتم ترأسها من طرف مقرر المجموعة الموضوعاتية، المستشار البرلماني، مولاي عبد الرحمان الدريسي، بالإضافة إلى مداخلات الشبكات والاتحادات والتحالفات العاملة في مجال الإعاقة.

أما بخصوص الجلسة الثالثة والأخيرة، ترأستها كذلك رئيسة المجموعة الموضوعاتية سالفة الذكر، وعرفت مواصلة مداخلات الشبكات والاتحادات والتحالفات.

وخلال هذا اللقاء، دعا فاعلون جمعويون وممثلو شبكات واتحادات عاملة في مجال الإعاقة، إلى الإسراع بإخراج وتفعيل النصوص التنظيمية المتعلقة بالقانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها، وذلك بغية بلوغ أهداف البرامج المندمجة الموجهة لهذه الفئة من المواطنين، بحيث أكد المشاركون على ضرورة استكمال الترسانة القانونية “المهمة والنموذجية” التي تهتم بقضايا الإعاقة، مؤكدين على أن النصوص التنظيمية المرافقة للقانون رقم 97.13 والقوانين الأخرى المتعلقة بالإعاقة ضرورية لضمان المشروعية والظروف المناسبة لتنزيل السياسات العمومية في هذا المجال.

وحثوا الحكومة في هذا الإطار على التركيز على وقع وأثر هذه السياسات على الفئات المستهدفة من خلال إحداث لجنة وطنية لإعداد وتنفيذ وتتبع وتقييم السياسات العمومية الموجهة للنهوض بأوضاع ذوي الإعاقة كما نصت على ذلك المادة 25 من القانون الإطار 97.13، وإحداث لجان غير مركزية على مستوى الجهات والجماعات الترابية من أجل السهر على التنفيذ الترابي للسياسات العمومية المتعلقة بالنهوض بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

وفي السياق ذاته، أكدوا أيضا الحاجة إلى إدخال تعديلات قانونية جديدة تقوي تدخلات الجماعات الترابية في مجال الإعاقة، منبهين إلى حجم الصعوبات و الإكراهات المطروحة بالنسبة للاشخاص في وضعية إعاقة و أسرهم، خاصة في المجال القروي نظرا لنقص الخدمات الصحية على مستوى المستشفيات و مستوصفات القرب و مراكز الترويض الطبي.

كما طالب المتدخلون بالعمل على إلغاء صبغة المنفعة العامة في تقديم المنح للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة، مشيرين إلى أن إقرار هذا الشرط أسهم في تقويض عمل الجمعيات الناشطة في المجال بسبب توقف المنح المقدمة إليها.

وأوصوا القطاعات الحكومية المعنية بإقرار التمييز الإيجابي لصالح ذوي الإعاقة وأسرهم فيما يتعلق بحجم التعويضات العائلية عن الأطفال والمنح الجامعية المخصصة للطلبة من ذوي الإعاقة، داعين في نفس الوقت إلى مواكبة هذه الفئة بشكل دائم من خلال إحداث منصة إلكترونية مرتبطة بالسجل الاجتماعي الموحد لتسهيل المواكبة الصحية والاجتماعية على كافة المستويات.

وفي كلمتها خلال أشغال اللقاء سالف الذكر، أكدت فاطمة الحساني، رئيسة مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، على العناية التي يوليها مجلس المستشارين في نظامه الداخلي لمختلف القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان، حيث أفرد هامشا واسعا من آليات الاشتغال الهادفة إلى تعزيز منظومة حقوق الإنسان والنهوض بها وتكريسها في مختلف الأدوار المنوطة به دستوريا.

وأشارت إلى أن إحداث المجموعة الموضوعاتية المؤقتة الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، يعد تعبيرا صريحا عن الأهمية البالغة التي يعيرها المجلس لقضايا الإعاقة، انسجاما مع دستور 2011 الذي نص في تصديره على مكافحة كل أشكال التمييز، لاسيما بسبب الإعاقة، وكذا الفصل 34 الذي شكل الضمانة الأساسية لتمكين ذوي الإعاقة من حقوقهم الشاملة.

ومن جانبه، أكد محمد آيت عزيزي، الكاتب العام بالنيابة لوزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، على أهمية دور جمعيات ومنظمات المجتمع المدني باعتبارها قوة اقتراحية، وفاعلا أساسيا في مجال الترافع عن قضايا ذوي الإعاقة، مشيرا إلى أن الوزارة والجمعيات تتقاسم أهدافا مشتركة للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة.

وأبرز المتحدث عينه، أهمية الحوار مع المجتمع المدني في مواجهة التحديات المرتبطة بتنزيل القانون الإطار رقم 97.13 وتفعيل الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وكذا العمل المشترك من أجل تنزيل البرنامج الحكومي 2021-2026، مؤكدا على أهمية دور وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة في التنسيق في مجال السياسات والبرامج العمومية للنهوض بأوضاع الأشخاص في وضعية إعاقة، وكفاعل في العديد من هذه البرامج.

من جهته، أبرز محمد أزوكاغ، مستشار الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، الأهمية الخاصة التي أولاها البرنامج الحكومي للأشخاص في وضعية إعاقة، مذكرا بالالتزامات والتعهدات الواردة في هذا البرنامج والتي تم تنفيذ جزء مهم منها.

وأشار في هذا السياق إلى السياسة العمومية “الواضحة والمتكاملة الأبعاد” التي تستهدف ذوي الإعاقة والسياسات المرتبطة بالدعم العمومي للجمعيات المنتظمة في مجال الإعاقة، واستحضار الحقوق الخاصة بالأطفال المعاقين في برامج إصلاح منظومة التربية والتكوين، وتعهد الحكومة بتوسيع دائرة الاستفادة من الحماية الاجتماعية، والدعم السنوي المهم الذي يتم تقديمه للجمعيات المعنية، والالتزام بتطوير طرق كشف الإعاقة والوقاية منها ومواكبة من يعانيها.

وفي سياق متصل، اللقاء المذكور يهدف كذلك، على الخصوص، إلى توضيح المفاهيم المرتبطة بالموضوع وأهدافه، و تحديد المرجعيات الدولية والوطنية لمقاربة الإطار المعياري للموضوع وسياقاته المختلفة، واستحضار أهم السياسات والبرامج المعتمدة ذات الصلة، وتوضيح معايير وجاهة وفعالية ونجاعة البرامج الموجهة للأشخاص في وضعية إعاقة.

ويروم اللقاء المشار إليه أيضا، الوقوف عند أهم القضايا التي يطرحها موضوع الإعاقة بالمملكة، وتحديد أوجه التقدم المحرز والاختلالات والتأخرات وتحديات التفعيل، والتعرف على أهم القاطنين في مجال الإعاقة، فضلا عن تحديد أدوارهم وتفاعلهم، والبحث عن المسارات الهيكلية والتنظيمية، لتجاوز التحديات التي يطرحها موضوع الإعاقة.

كما أن تنظيم هذا اليوم الدراسي، يهدف كذلك إلى الوقوف على تصورات واقتراحات النسيج الجمعوي الفاعل ميدانيا في مجال الإعاقة، وتجميع ملاحظاته بخصوص الاختلالات والتعثرات التي يعرفها واقع الإعاقة بالمملكة، ورصد الإكراهات التي تواجه الفاعلين الجمعويين في تنزيل السياسات والبرامج المندمجة الموجهة للأشخاص في وضعية إعاقة ترابيا ووطنيا.

كما يصب إلى رصد مكامن القوة والضعف في الترسانة القانونية المؤطرة للأشخاص في وضعية إعاقة، والتعرف على التجارب الميدانية الناجحة التي اشتغل عليها المجتمع المدني على الصعيد الوطني.

حري بالذكر، أن هذا اللقاء عرف مشاركة فعاليات المجتمع المدني، وذلك عملا بالمقاربة التشاركية المنفتحة على مختلف الفاعلين في مجال الإعاقة بالمغرب، وفي إطار مواصلة تنفيذ برنامج عملها. خصص للاستماع إليها بخصوص النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، من بينها مدينة ورزازات التي كانت حاضرة بسبع جمعيات مدنية.