الألباب المغربية/ بدر شاشا – باحث بجامعة ابن طفيل القنيطرة
في ظل التحولات المناخية الكبيرة التي يشهدها العالم اليوم، تتسارع وتيرة الأحداث المناخية غير المتوقعة، بما في ذلك الأمطار الغزيرة في المناطق الصحراوية مثل الصحراء المغربية والشرق. بالرغم من أن هذه المناطق تُعرف بجفافها وقلة هطول الأمطار فيها، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تزايدًا ملحوظًا في تواتر وشدة الأمطار الغزيرة، مما يثير تساؤلات حول أسباب هذا التغير وأثره على البنية التحتية.
تبدأ عملية حدوث الأمطار الغزيرة في الصحراء المغربية والشرق بنشاطات مناخية تتعلق بالتيارات الهوائية والنظام الحراري للجو. عادةً ما تكون هذه الأمطار نتيجة لتجمع كميات كبيرة من الرطوبة في الهواء، التي تتكون نتيجة تبخر الماء من المحيطات والبحار، أو من المصادر المائية الداخلية مثل الأنهار والبحيرات. عندما ترتفع هذه الرطوبة إلى طبقات الجو العليا، تبرد وتتكثف لتشكل السحب، وعندما تتجمع كميات كبيرة من هذه السحب وتصبح ثقيلة، تبدأ الأمطار في الهطول.
لكن في الصحراء، حيث تكون الظروف الجغرافية والمناخية قاسية، يحدث هذا التغير بطريقة مختلفة. المنطقة الصحراوية تشهد عادةً تغيرات مفاجئة في درجات الحرارة، حيث يمكن أن تنخفض درجات الحرارة بشكل ملحوظ في الليل مقارنة بالنهار. هذه الفروقات الحرارية يمكن أن تؤدي إلى تجمع الرطوبة وتكثفها بشكل أسرع. بالإضافة إلى ذلك، قد تلعب التضاريس المحلية دورًا في تشكيل الظروف المناخية، حيث يمكن أن تساهم الكثبان الرملية والجبال في رفع الهواء الرطب، مما يعزز من عملية تكوين السحب والأمطار.
ومع ذلك، فإن البنية التحتية في المناطق الصحراوية غالبًا ما تكون غير مهيأة بشكل كافٍ لاستيعاب مثل هذه الأمطار الغزيرة. التوسع العمراني والبنية التحتية في هذه المناطق قد تكون محدودة النطاق، مما يخلق تحديات كبيرة في إدارة الأمطار الغزيرة. الطرق والأنظمة الصرفية التي لم تُصمم لتلبية احتياجات كميات المياه الكبيرة قد تصبح غير قادرة على التعامل مع التدفقات المفاجئة، مما يؤدي إلى الفيضانات وتدمير الممتلكات.
الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة في الصحراء قد تكون لها تأثيرات مدمرة، بما في ذلك تدمير المحاصيل الزراعية، تلوث المصادر المائية، وتلف البنية التحتية مثل الطرق والجسور. ومن هنا تنبثق الحاجة الملحة لتطوير بنية تحتية قادرة على التعامل مع هذه التغيرات المناخية. يجب أن تتضمن الاستراتيجيات المتبعة تحسين أنظمة الصرف الصحي، وبناء سدود أو خزانات لتخزين المياه، وتعزيز التخطيط العمراني لضمان مرونة المناطق السكنية ضد الفيضانات.
إجمالاً، إن التحولات المناخية وزيادة شدة الأمطار في المناطق الصحراوية تبرز الحاجة إلى إعادة تقييم وتطوير البنية التحتية لضمان قدرتها على مواجهة تحديات الطقس القاسي. يتطلب ذلك استثمارات كبيرة في تحديث الأنظمة الحالية وتخطيط استراتيجي طويل الأمد، لضمان سلامة البنية التحتية وحماية السكان من آثار التغيرات المناخية المستمرة.
وجب التفكير في توفير البنية التحتية ذو أبعاد طويلة المدى..