الألباب المغربية/ سعيد الفارسي

احتضنت مدينة ازمور العريقة، يوم أمس السبت 13 شتنبر 2025، بدار الصانع، أشغال المائدة المستديرة المنظمة من طرف جمعية دكالة بشراكة مع رابطة المجتمع المدني بأزمور والنواحي.
شكلت محطة نوعية لمناقشة حاضر ومستقبل المدينة التي تختزل في طياتها تاريخا غنيا ومؤهلات طبيعية وبشرية وثقافية، لكنها في المقابل تعيش واقعا تنمويا متعثرا.
وقد اجمع المتدخلون من باحثين، وخبراء، وفاعلين جمعويين على أن أزمور، رغم مكانتها التاريخية على ضفاف أم الربيع لم تستفد بالشكل المطلوب من دينامية الإقلاع الوطني، إذ ما تزال تعاني من عوائق وإكراهات مرتبطة أساسا بضيق المدار الحضري، تراجع المدينة العتيقة واستمرار معضلة مصب نهر أم الربيع.
وأكد المشاركون أن هذه المشاكل قابلة للتجاوز إذا ما تم استثمار الرصيد الثقافي والذاكرة التاريخية للمدينة، مستشهدين في هذا السياق بتجارب مدن أخرى مغربية كانت تعيش نفس الوضع والتي نجحت في تحويل تراثها إلى رافعة قوية للتنمية.
ولم يفت المتدخلين التذكير بالمكانة التي حظيت بها أزمور في ذاكرة الدولة المغربية، إذ خصها المغفور له الراحل الحسن الثاني رحمه الله بالذكر في خطابه أمام المهندسين المعماريين بمراكش خلال ثمانينيات القرن الماضي، حين وصفها بالمدينة الساحلية ذات القصبات العريقة والنهر الكبير في إشارة واضحة إلى قيمتها الرمزية والتاريخية.
واليوم يأتي خطاب الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة عيد العرش المجيد ليعيد وضع الأصبع على الجرح، حين أكد أن المغرب يسير بسرعتين، داعيا إلى اعتماد جيل جديد من البرامج التنموية يقوم على تمثين الخصوصيات المحلية، تكريس الجهوية المتقدمة، وترسيخ مبدأ التضامن والعدالة المجالية.
في هذا السياق، حملت كلمة عامل إقليم الجديدة امحمد عطفاوي، بعدا عمليا ورسالة أمل قوية، حين قال بالحرف “كفانا جميعا من البكاء على الأطلال”..
ودعا إلى القطع مع منطق اليأس والانطلاق نحو البناء، مؤكدا أن أزمور قادرة على استعادة مكانتها إذا ما استثمرت في إمكانياتها البشرية ومؤهلاتها الطبيعية والتاريخية.
والجميل في اللقاء التاريخي أن العامل بشر الحضور النوعي بمشاريع لصالح المدينة ستكون انطلاقتها في الأيام القليلة المقبلة رصدت لها اعتمادات مالية وازنة ذكر منها:
- تأهيل المدينة العتيقة بغلاف مالي قدره 150 مليون درهم.
- تهيئة كورنيش جديد بميزانية 80 مليون درهم.
- إعادة تأهيل بعض الأحياء والأزقة عبر التبليط وتقوية الإنارة وتعزيز المناطق الخضراء بميزانية مماثلة فضلا عن مشاريع أخرى نذكر منها على وجه التحديد تشييد المعهد العالي لعلوم الصحة ومهن التمريض.
وأكد عامل الإقليم أن هذه المشاريع تأتي بعد تشخيص دقيق مرتكز على مبدأ الذكاء الترابي وإشراك الفاعلين المحليين، معتبرا اللقاء محطة للتفكير الجماعي والبناء ومختبرا لصياغة رؤى تنموية جديدة تعزز مكانة أزمور وتعيد لها بريقها المستحق.
إن أزمور اليوم تقف عند مفترق طرق: بين ذاكرة ملكية شاهدة على عظمتها، وتوجيهات سامية تدعو للعدالة المجالية، ومشاريع عملية في طور الإنجاز وهو ما يجعلها أمام فرصة تاريخية للانتقال من لغة الشكوى إلى فعل النهضة، ومن واقع التهميش إلى أفق التنمية.
وتجدر الإشارة بأن هذا اللقاء الجمعوي الهام عرف حضورا نوعيا وضيوف وازنين من أمثال خالد سفير، والي سابق لمدينة الدارالبيضاء، إدريس بنهيمة الذي تقلد عدة مناصب عليا من بينها مدير عام للخطوط الجوية الملكية المغربية وبوشعيب ارميلي، المدير العام للأمن الوطني السابق وإدريس التولالي، المدير العام السابق لمديرية الجماعات المحلية وعبد الرحيم الحافظي المدير العام السابق للمكتب الوطني للماء والكهرباء إضافة إلى شخصيات أخرى من عمداء ومهندسين وأطباء.