الألباب المغربية/ يونس المنصوري
إذا تعمقنا في هذه الظاهرة أكثر، نجد أن الاحتفاء المفرط بلاعبي كرة القدم، المؤثرين، والفنانين يعكس خللاً جوهرياً في المنظومة الاجتماعية والثقافية. هذا الخلل لا يظهر فجأة؛ بل هو نتاج تراكمات طويلة تشمل السياسة، الاقتصاد، التعليم، وحتى القيم المجتمعية. نحن نعيش في عصر تُستغل فيه وسائل الإعلام والثقافة الشعبية لإلهاء الناس عن المشاكل الحقيقية التي تواجهها المجتمعات.
إحدى الأزمات الأساسية التي تُغذي هذه الظاهرة هي الفجوة الكبيرة بين إمكانيات الأفراد الحقيقية وبين الصورة المثالية التي يرونها في المشاهير. الشباب اليوم يرون أن النجاح والشهرة أصبحا مرتبطين بمجالات مثل الرياضة أو الفن، ليس من خلال الإبداع أو الجهد العلمي، بل من خلال الاستعراض والبروز على الشاشات. هذه الصورة تختزل قيم النجاح في أطر ضيقة، وتحجب الواقع الذي يتطلب العمل والابتكار للتغلب على التحديات الحقيقية التي تواجه المجتمعات، مثل تحسين التعليم، تطوير التكنولوجيا، أو تحقيق الاكتفاء الذاتي في الموارد الأساسية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك أبعاد سياسية واقتصادية تُغذي هذا الخلل. الأنظمة السياسية قد تستخدم تلك الشخصيات العامة كوسيلة لتوجيه انتباه الشعب بعيداً عن المشكلات الأكثر إلحاحاً؛ مثل الفساد، سوء الإدارة الاقتصادية، أو تفشي البطالة. تسليط الضوء على هؤلاء المشاهير يخلق وهمًا بالنجاح الجماعي، بينما الواقع الفعلي مليء بالتحديات الكبرى.
أما على المستوى الاقتصادي، فإن الصناعة الترفيهية أصبحت أداة لجذب الأموال والترويج للاستهلاك، ما يساهم في تشويه قيم المجتمع. بدلاً من الاستثمار في المشاريع التي تدعم التنمية المستدامة، تُضخ الأموال في مجالات تُعزز الهوس بالمظاهر والشهرة. هذا يضع المجتمع في دائرة مفرغة، حيث يُستنزف الجهد والموارد في مجالات غير منتجة، بينما تظل القطاعات الحيوية مهملة.
في نهاية المطاف، ما نراه ليس مجرد ظاهرة سطحية، بل هو انعكاس لأزمة هوية وفقدان الاتجاه. المجتمع الذي يضع الترفيه في قلب أولوياته يعرض نفسه لخطر الانفصال عن واقعه، ويهدر الفرص الحقيقية لبناء مستقبل أفضل.