الألباب المغربية/ محمد الحجوي
في قاعة المحكمة التي شهدت تفاصيل جريمة هزت ضمير المدينة، سقطت المطرقة الأخيرة للعدالة، حيث أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بآسفي حكماً تاريخياً يمثل رسالة قوية لمن تسول لهم أنفسهم العبث بأمن المجتمع وحياة أبنائه. حكم مشدد قضى بعشرين سنة سجناً نافذاً في حق متهم ثبتت إدانته في جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والعنف.
لقد استمعت المحكمة إلى حيثيات القضية بكل تدقيق، وتأملت في أدلة الإثبات التي قدمتها النيابة العامة، ودرست ظروف الجريمة البشعة التي ارتكبت في حق إنسان بريء. كانت جريمة من تلك الجرائم التي تترك ندوباً عميقة في نسيج المجتمع، جريمة سلبت إنساناً حقه في الحياة وتركت أسرة بلا معيل وقلوباً بلا طمأنينة.
ولم تكتف المحكمة بتوقيع العقوبة السجنية فقط، بل ألزمت المدان أيضاً بأداء تعويض مدني لفائدة ذوي حقوق الضحية، قدره مائة وخمسون ألف درهم. هذا القرار يأتي اعترافاً من العدالة بحقوق أسر الضحية وما عانوه من ألم ومعاناة بسبب الفعل الإجرامي. إنه جزء من محاولة لتعويض جزء بسيط من الخسارة الفادحة التي لا يعوضها مال.
هذا الحكم يمثل نهاية مرحلة قضائية طويلة، لكنه يظل ذكرى أليمة في قلوب من فقدوا عزيزهم. إنه يذكرنا بأن العدالة قد تكون بطيئة أحياناً، لكنها حتماً تتحقق. وتظل المحاكم المغربية صامدة في وجه الجريمة، حامية للحقوق، منتقمة لكل دم سال بغير حق.
في النهاية، تبقى العدالة ليست مجرد عقوبات وسجون، بل هي رسالة إنسانية سامية تؤكد على قدسية الحياة البشرية واحترام حقوق الإنسان. هذا الحكم ليس مجرد رقم في سجل المحكمة، بل هو درس وعبرة لكل من يفكر في انتهاك حرمة الحياة والإخلال بأمن المجتمع.